لن نبدأ من نقطة البداية التقليدية، نشأ وترعرع وولد سنة كذا، لكننا سننصهر معه فوراً في اللحظة التي دخلت قمة العذاب والألم في حياة بليغ، لحظة الانكسار الكبرى في حياته، فما أبلغ اللحظة التي تكشف له أن حياته وشهرته وإبداعاته وكرمه وأصدقاءه الكثر... كلهم كانوا «زحاماً ولا أحد
«كان لديَّ اعتقاد أن الحزن ليس أكثر من صديق يطلّ علينا بين الحين والآخر، قد يجالسك طويلا ولكنه في النهاية يرحل، أما اليوم فأصبح وطناً نسكنه ونتكلم لغته ونتنفس هواءه، بضعة أعوام تالية حتى صار الوطن بمساحة الكون». هكذا عبر بليغ حمدي عن إحساسه بالألم والقهر عندما فاجأه ضابط المرور الفرنسي بتحية شبة عسكرية بمجرد اطلاعه على بطاقة انتسابه إلى جمعية المؤلفين والملحنين العالمية، وذلك أثناء عبوره مع صديق له إحدى ضواحي باريس، وأمر الضابط بفتح طريق استثنائي ليعبر منه من دون إعاقة، لأنه وكما وصفه فنان، ولأولئك مكانة خاصة لا يحلم بها إنسان.
لم يستطع بليغ حبس دموع تساقطت رغماً عنه عندما قارن حفاوة ضابط فرنسي لم تؤثره ألحانه أو تشكل وجدانه ولم تطيّب جراحه أو تداعب ذكرياته، أكرمه وكرمه لمجرد أنه فنان، فيما ضابط مصري حكم عليه بالنفي خارج حضن بلده مصر التي عشقها واختزنها في وجدانه وقلبه فمنحته صولجان الموسيقى وعرشها.
لم يستطع بليغ دفن أحزانه وتجاوز الألم، لم يجد بين مفرداته ما يساعده على تفهّم ما حدث ومن ثم التحرر منه، أربكه الغمّ فلم يستوعب لماذا أسقطوا تاريخه وتجاهلوا قيمته بجرة قلم، لماذا تصدّرت التهمة الجارحة سيناريو المشهد فيما إبداعاته توارت وراء خلفية الكادر؟ لماذا حكموا عليه بقسوة مفرطة؟ أخرجوه من حساباتهم وكأن الزمن أسقطه في إحدى الزوايا، تهمة جارحة فحسب دونما لحظة تأمل عقلانية لتفهّم ما حدث.
المؤكد أن حادثة سقوط المغربية سميرة مليان من شرفة منزله كانت النقطة الفصل في حياته، بتعبير أدق مات بليغ فعلياً يوم صدور قرار الاتهام في العام 1984وليس عام 1993، حينها توقّف قلبه عن النبض وفارقته الروح. ليس النبض الدليل على الحياة، أن تنبض لتحيا غير أن تنبض لتعيش، وبليغ فارقته الروح عندما أغلق الجميع عمداً لا سهوا مجمل حواسهم في مواجهة ما حدث وفي مقدمها «العقل»، من ثم اتخذ قراره بالرحيل، حتى بعد صدور حكم المحكمة ببراءته في العام 1990 لم يستطع «ظرفيا» أو «زمنيا» استعادة روحه، لم يبق منه ومن حكاياته إلا بضع كلمات.
يقول بليغ في ملف خاص نشر في مجلة «الكواكب» عقب رحيله: «خسرت الكثير ودفعت ثمن جرم لم ارتكبه، دفعته من سمعتي وصحتي وفني وموهبتي التي حرمت منها، وعانيت من غربة أبعدتني عن وطني وحضنه الدافئ».
سواح وماشي في البلاد سواح
والخطوة بيني وبين حبيبي براح
مشوار بعيد وأنا فيه غريب
والليل يقرب والنهار رواح
هل نكتب أقدارنا أم نستسلم لها؟ سؤال قديم محكوم بالعجز والقصور، ممزوج بالحزن والوجع ورغم ذلك تجدده الأيام بدأب. أتصور أن بليغ كتب قدره ثم استسلم له، يرى البعض أن ممارساته الحياتية، نمط معيشته، أسلوبه في التعامل مع الآخرين، خجله «الرهيب»، كرمه «الحاتمي»، كلها مقدّمات لما آلت إليه النتائج، فحياته التي عاشها بعفوية وتلقائية، تمرد و{فوضوية» خطت مصيره في النهاية.
كان بيته مفتوحاً للأصدقاء دوماً، ما يفسر كيف دخلت سميرة مليان بصحبة صديق دعاه بليغ إلى حفل في منزله كما أكد شقيقه د. مرسي سعد الدين أخيراً قال: «في هذا اليوم أقام بليغ حفلة في بيته لبعض الأصدقاء فجاء شخص سعودي إلى الحفل برفقته سميرة مليان المغربية، وما أن شاهدت صديقها السعودي يغازل أخرى حتى هددته - مداعبة - بإلقاء نفسها من الشرفة لكن في ما يبدو اختلّ توازنها لتسقط جثة هامدة، في تلك الأثناء ترك بليغ الحفل متوجهاً إلى غرفة نومه بعدما شعر ببعض الإجهاد، وهو سلوك يتوافق وطبيعة بليغ «العفوية»، إذ خلد إلى الراحة تاركاً الجميع على «راحتهم» ليستيقظ بعد وقوع الحادث، ويمكن الرجوع إلى شهادة الإذاعي كامل البيطار أحد ضيوف تلك الليلة».
تؤكد هذه القصة بما لا يدع مجالا للشك أن بيت بليغ كان مفتوحا للجميع دوماً، لا مانع لديه من استقبال أي شخص في منزله حتى من دون موعد سابق، وهو سلوك فسره البعض «بالفوضوية» فيما يراه البعض الآخر تأثراً بحالة عاشها بليغ في سنوات تكوينه الأولى لأكثر من 10 أعوام، إذ أتاح له القدر فرصة للانصهار في بيت أو بالأحرى «بوتقة» كامل الشناوي، آخر ظرفاء هذا العصر، البيت الذي ضمّ التيارات المختلفة والأفكار، وكان بمثابة المحراب الذي تخرّجت منه أجيال من المبدعين في المجالات كافة.
غير أن زمن الشناوي يختلف كلياً عن زمن بليغ، كذلك الرواد والأصدقاء، لذا كان منطقياً أن يدفع هذا الثمن الباهظ من راحته وسمعته التي ذبحت على مدى 6 سنوات تنقّل خلالها بليغ بين اليونان وباريس ولندن، بعدما وجهت إليه النيابة تهمة تسهيل الدعارة، من ثم لم يرجع إلى أرض الوطن إلا بعد صدور الحكم ببراءته.
حبايبنا عاملين ايه
في الغربة وأخباركم ايه
مرتاحين ولا تعبانين
فرحانين ولا زعلانين
مشتاقين ليكم مشتاقين
من عيونكم محرومين
لبليغ جملة رددها دوماً: «أحب السفر ولكن لا أحب أن أرغم عليه»، كان قرار سفر هذا «السواح» في بلاد الله اختياراً لا قهراً جاهزاً على الدوام وفي أي لحظة ومن دون أسباب منطقية في أغلب الأحيان، وثمة حكايات تؤكد هذا الأمر، لعل أشهرها ما ذكره الإذاعي الكبير وجدي الحكيم أثناء بروفات أغنية «بعيد عنك حياتي عذاب» لكوكب الشرق أم كلثوم، يقول الحكيم: «كان موعد البروفة عند أم كلثوم مقدّسا وتحسبه بالثانية، فإذا ما أخبروها أن الفرقة اكتمل عددها ومعها الملحن وضبطت الآلات وكل شيء أصبح جاهزاً، تنزل من غرفتها لبدء البروفات. في تلك الليلة نزلت أم كلثوم من غرفتها لتجد الفرقة جاهزة فيما بليغ غائب، بعد دقائق اتصل بها تلفونياً مؤكداً أنه في الطريق وكنت معه في مكتبه، بالفعل نزلنا وركبنا السيارة متجهين إلى بيت أم كلثوم حيث تجري البروفات وفوجئت به أمام منزلها يقول لي: «ادخل أنت وأنا ها أحصلك».
يضيف الحكيم: «بالفعل دخلت وسلمت على أم كلثوم التي سألتني عنه فأخبرتها أنه «بيركن العربية»، لكن مضى أكثر من ربع ساعة ولم يدخل بليغ، فخرجت للبحث عنه وعن سيارته فلم أجده، رجعت وعلى وجهي علامات الحيرة وقلت لها: «احتمال يكون نسي شيئاً في المكتب اسمحي لي أن أذهب لأستعجله»، لكنها رفضت قائلة: «لا خليك هنا «رهن» فما دمت هنا أكيد سيعود».
يتابع الحكيم: «طالت مدة الانتظار واضطررت للانصراف بعدما تأجلت البروفة، بعد حوالي ساعتين عرفت أن بليغ سافر إلى بيروت وأنه أوصلني إلى منزل أم كلثوم ثم اتجه إلى المطار، وأيقنت أن أم كلثوم ستعاقبه بالتأكيد عقاباً عسيراً على هذه «العملة السوداء» التي لم يجرؤ السنباطي أو زكريا أحمد على فعلها». بعد عودته حاول الاتصال بها تلفونيا أكثر من مرة حتى رقّ قلبها في النهاية ليلتزم بعدها بليغ التزاماً تاماً في مواعيده معها.
تشير هذه الواقعة إلى أن بليغ كان «مزاجيا» ومن ثم لم يمارس يوماً فنه، عشقه من دون إرادته، حريته كإنسان جزء لا يتجزأ من تركيبته كفنان، لذا تحمّلته كوكب الشرق كما لم تتحمّل أحداً من الشعراء والملحنين الذين تعاملوا معها، تفهّمت أخيراً أن التعامل معه لا بد من أن يحلّق بعيدا عن «المسطرة والقلم»، وأن عليها تقبّل «جنونه» الفني في أحيان كثيرة ليس على مستوى التطوير بإضافة آلات جديدة لفرقتها فحسب، لكن في كل شيء كما حدث في أغنيتها «حب إيه» إذ طلبها منها تلاوة كلمات الأغنية قبل الدخول في اللحن، ورغم رفضها في البداية إلا أنها لبت طلبه وسجّلت كلمات الأغنية بصوتها لتكون من أجمل وأروع ما قدمت.
هكذا لا يمكن فصل بليغ الفنان عن الإنسان، لا تنفصل شخصيته بكل ما فيها من عفوية وتلقائية وتمرّد و{عربدة» عن ألحانه التي نجحت في تحرير قوالب موسيقية كانت تتحين الفرصة للتغيير منذ خالد الذكر سيد درويش رغم إسهامات من سبقوه لذا جاءت ألحانه غير متَشابهة أو مكررة. من الصعب أن تضبط لحنا يتشابه مع آخر وسط أعماله التي تجاوزت 1500 لحن منوع بين عاطفي ووطني وشعبي وموسيقى تصويرية، نجح في تحريرها كلها من أطواق وأساور {من سبقوه}، وباتت على يديه لسان حال الناس، تعبّر ببساطة وسلاسة عن أفراحهم وأحلامهم، انكساراتهم ومجمل مشاعرهم.
لم يكتمل مشروع بليغ الفنان والإنسان رغم كل ما قدمه، بل ترك كل واحد منهما أثره في الآخر، فمثلما كان الحاضر الغائب دوماً في كل حديث عن أي تطوير لحق بالموسيقى العربية، كان مثيراً للجدل في تصرفاته التي يرى البعض أنها أقرب إلى الفوضوية والتي أتصور كانت سبباً في تميّزه بل تفرده أيضاً، لذا قلبت جمله الموسيقية الموازين وستظل ألحانه هي «السهل الممتنع» كما وصفها النقاد وعشاق فنه، أكثر ما ميزها ارتباطها بالتراث المصري الأصيل ومنحها جواز سفر أبدي في قلوبنا ووجداننا.
بليغ هو «الطير المسافر»، «أعز الناس»، «الموعود دايماً بالعذاب»، أكثر من غنى للـعيون سواء «السود» أو «العسلية». بليغ الذي غنى إلى «بهية» و{عدوية» و{أسمراني اللون»، احتضن عوده وهمس لمحبوبته «خايف مرة أحب»، عاش معها «حلاوة الحب»، وحكى لها «حكايته مع الزمان»، وأنه «بعيد عنها حياته عذاب».
بليغ وبصدق «معجزة» فنية لا تقبل الجدل أو الشك، معه نستعيد صور عذابه من ذاكرتنا، حتى انكساراتنا كان أصدق من ترجمها بنغماته لتمنحنا القدرة على التجاوز، الأغنية عنده «بندقية بتتكلم»، ترفض الهزيمة لأن بلدنا «بيحب موال النهار». بليغ هو لحظة اشتعال تزاوج فيها الممكن والمستحيل، تداخلت فيها الفصول، فخرج منها أكثر تحديداً وتشكيلا، ليحتكر وحده الليل و{السميعة».
لم يكن بليغ موهبة فذه فحسب بل كان متعدد الوجوه، فإلى جانب تطويره للموسيقى وامتلاكه صوتاً جميلاً حمّسه إلى خوض تجربة الغناء في بداية مشواره (لولا الصدفة والقدر لتبددت موهبته كملحن في البحث عن موقع على خريطة الغناء)، كان يملك موهبة شعرية وهو ما لا يعرفه عنه البعض.
في بداية مشواره كان ينظم الشعر ويكتب الأغاني ويرسلها إلى الصحف باسم مستعار هو «ابن النيل»، حتى بعدما احترف التلحين ظل يمارس هذه الهواية تحت الإسم نفسه، وقد غنّت له أسماء كثيرة في مقدمها الفنانة وردة توأمه الروحي إذ غنت له «بودعك» وكان آخر لحن جمعهما، الطريف أنهما قدماه بعد مرور ثماني سنوات على انفصالهما كزوجين وقد أسمعها اللحن عبر الهاتف من منفاه في فرنسا، يقال إن وردة ترددت في البداية ولكنها قبلته في النهاية.
كذلك غنت نجاة من كلماته «سارقين النوم»، «فينك ياهوى»، «في السفر بشوفك» و{كان لازم من زمان»، أما سميرة سعيد التي أطلق موهبتها بليغ فغنت له «بنلف»، «بكرة»، «جوه البيوت»،» قالوا عنا كتير» و{حكاية» لتصبح بذلك أكثر مطربة غنت من كلماته. تضم القائمة أسماء مثل صباح، عفاف راضي، علي الحجار ومحمد رشدي...
من جانبه لا يرى الأبنودي موهبة بليغ الشعرية «هواية» لكنها من وجهة نظره حالة موسيقية تولد مكتملة أي لحناً و كلمات، حالة لا يوجد نظير لها في المنطقة العربية إلا في تجربة الرحابنة، حيث الخاطر الموسيقي يولد مكتملا، من ثم لا بد من أن يتمتع الشعراء أو كتاب الأغاني الذين يتعاملون معه بقدرات خاصة تحفظ لهم خصوصيتهم كشعراء وتمنح بليغ في الوقت نفسه القدرة على ترجمة النص بروحه ورؤيته.
لا يعني هذا الأمر أن بليغ لم يستطع تلحين النص المستقلّ، لكنه كان يلحنه بطريقته، كما يؤكد الأبنودي، أي يعيد تفصيل الكلمات لتبدو كأنه مبدعها، فهو يعدّل في الترتيب ويقسم الأبيات بما يتوافق معه نفسياً وفنياً، ما يفسّر سبب حساسيته الشديدة نحو الكلمة المغناة ورفض تلحين أغنية كوكب الشرق «حسيبك للزمن» قائلا: «كيف أقول لحبيبي الزمن حيدوقك في البعد ناري، الزمن هو اللي حيخلص لي تاري»، فما لا يتوافق مع وعيه ورؤيته الخاصة كفنان وإنسان يعدّ خارج حساباته كملحن ولا يمكنه التعامل معه.
أفرزت «صياغة الإبداع» للوصول إلى الأفضل، أو تلك «الشراكة الفنية» الكثير من الإبداعات من بينها على سبيل المثال لا الحصر أغنية «الهوى هوايا» وكما حكى الأبنودي في شهادته التي تضمنها كتاب بليغ حمدي لأيمن الحكيم: «وُلدت الجملة الموسيقية في بيت حليم، كالعادة انطلقت شرارتها الأولى من عود بليغ وظل النقاش محتدماً قبل أن يقترح الأبنودي أن تبدأ بـ «زي الود» أو «ودي»، {الهوى هوايا»، حينها لمعت عين بليغ وصرخ قائلا: «بس هي دي» لتظل «ورشة العمل» منعقدة حتى خرجت الأغنية إلى النور. كذلك تعثر لحن أغنية «عدى النهار» بسبب هذا الجزء كما يؤكد الأبنودي، حيث كتب:
«يا هل ترى الليل الحزين
أبو النجوم الدبلانين
يقدر ينسيها الصباح
أبو شمس بترش الحنين»
فوفقاً لإحساس بليغ كانت هناك «شطرة» ناقصة، تحديدا بعد «أبو النجوم الدبلانين»، وعبثا حاول إقناع الأبنودي بإضافة شطرة جديدة ليستقيم معها النص، وهو ما تعارض ورؤية الأبنودي، مشيراً إلى أن «النص» خرج منه «شحنة» واحدة ومن ثم لا يمكن التعديل فيه، هكذا ظل اللحن «عصياً» إلى أن ألهم الله حليم بـ «أبو الغناوي المجروحين» التي لولاها - ربما - لما ظهر هذا العمل الذي يعيش في وجداننا وذاكرتنا كشاهد أكيد على صمود هذا الشعب وعلى أهمية «الشراكة الفنية» لما ينتج عنها من «تحليق» وصدق يدخل الإبداع الى مساحات «الخلود».
بودعك ودع محبا ودعك قبل الآوان
بودعك كلمني مشتاق أسمعك من زمان
بودعك بشوق للمسه من يدك
لمسة وداع ما ابخلك.. بكرهك.. لآ بعشقك
من أفزع الطائر فهاجر بعيداً عن المدى؟ لماذا اتخذ قراره بالرحيل؟ هل كسرته «الفضيحة»، أم لعله اكتشف فجأة أنه لا يقف على شيء ثابت رغم كل ما قدمه من إبداع سيظل محوراً للدراسة والتأمل؟ فلا زوجة تؤنس ما تبقى من أيامه ولا أطفال يمدون جذوره في الأرض.
كيف الخلاص إذن؟ هل في الرحيل، أم في البقاء؟ يلحّ عليه السؤال حارقاً فمن أين يأتي بالجواب، من الأرض الغريبة ومن يبدد وحشتها أم من هنا؟
قد يكون الموت في الرحيل وليس الخلاص، فما تبقى من سنوات لا يحتمل صداماً آخر مع المجهول و اللامنتظر. انتبه إلى صوت المذيعة في مطار القاهرة وهي تعلن قيام الرحلة المتجهة إلى اليونان بينما ما زالت الأسئلة في داخله تبحث عن إجابات، تحاصره كأنه منكوب بها.
لماذا يتخوف هذه المرة من السفر، هل هي الغربة أم الاغتراب عن الأهل والوطن؟ هل يمكن أن يعيش وحيداً وإلى متى؟ ماذا عن الإبداع، هل يمكن أن يولد بعيداً عن دوائر التواصل؟ مرة أخرى انتبه إلى صوت المذيعة وهي تكرر النداء الأخير، قام متثاقلا ليتمم إجراءات الرحيل نحو المجهول..
• في الحلقة المقبلة نقلّب معاً أوراقا من حياة بليغ الموعود دوما بالعذاب.
المصدر صوت العراق
الرئيسية 
كيف تعرفت على الرابطة؟ 
من طرف 
موضوع: اجزاء من كتاب الموعود بالعذاب بليغ حمدي... الطير المسافر ..الجزء الاول 
