مذكرات د/ هشام عيسى طبيب العندليب على حلقات جريدة العربى

أقدم لكم مقتطفات من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص على مدى عدة حلقات وهو يروى القصة الكاملة بعنوان (حليم و أنا)0000(حل عيد الربيع يوم 31 مارس عام 1977 يومها هبت عاصفة خماسينية ملأت جو القاهرة بتراب يخنق الأنفاس مما أضفى على ذلك اليوم طابعا كئيبا و حتى وقت متأخر من النهار كنت لاأزال نائما -فاليوم عطلة و أنا مرهق أتطلع الى راحة صحوت على رنين التليفون كان أحد الأصدقاء و جاءنى صوته مخنوقا اّسف ان كنت أيقظتك فالأمر هام و بعد تردد استمر قائلا 00حليم 00تعيش أنت00ساد صمت و كنت أحاول أن أستوعب ما يقال كان حليم فى رحلة علاج الى لندن 00هى أول رحلة لا ارافقه خلالها منذ سنوات 00كانت المفاجأة هائلة ما ان أنهيت المكالمة حتى عاد التليفون الى الرنين كانت المكالمة من طبيب فى مستشفى كينجز كولج بلندن يبلغنى بما حدث و مكالمة أخرى من جريدة الأخبار يطلبون حوارا حول تاريخ المرض 0 ظهرت الجريدة فى اليوم التالى مع كلمة رثاء بعنوان دمعة على صديق قلت:أحقا مات حليم؟قطعت اذاعة لندن برامجها لتذيع النبأ وصدرت الصحف فى اليوم التالى و صدر صفحاتها النبأ وصور من حياته و تعليقات عليها و كلمات رثاء نفذت معظم الصحف و تعددت طبعاتهاو انتحب الشباب فى الشوارع -وتعددت حالات الاغماء و كانت هناك محاولات انتحار انتهت احداها بموت فتاة و الحق أن مقدمات ذلك اليوم الحزين بدأت قبل سبع سنوات ففى اواخر شهر سبتمبر عام 1970 كان حليم يبدأ اجازتةه الصيفية كالمعتاد فى العجمى تركت حليم يوم 27 سبتمبر لأمور كنت أريد قضاءها فى القاهرة على أن أعود مساء اليوم التالى و قبل أن أبدأالعودة الى العجمى -قطعت اذاعة القاهرة برامجها لتعلن خبر رحيل الزعيم جمال عبد الناصر و قامت القيامة فى القاهرة و أعلنت حالة الطوارىْ فلم أتمكن من المغادرة الى الاسكندرية أستمع حليم الى النبأ فأطاحت الصدمة بصوابه و انطلق يضرب المراّة بيديه ثم برأسه 00لم يكن الأمر مقتصرا على مجرد الحزن على الزعيم الذى أسبغ عليه الصداقة و الرعاية بل كان هناك الاحساس بالخوف المروع من خطر يحدق بالوطن الذى يحتل العدو جزءا عزيزا منه 0هنا أطل شبح النزيف المخيف 0خرجت من فمه كمية من الدماء مصدرها دوالى المرىْ لم يكن فى الجوار أى وسيلة أسعاف فحمله مرافق كان معه الى مستشفى المواساة بمدينة الاسكندرية و حين وصل الى هناك كان النزيف قد توقف و لكن الطبيب المناوب الذى استقبله تسرع بنقل زجاجة دم اليه لم يكن حليم فى حاجة اليها -فمثل ذلك النزيف يمكن السيطرة عليه بوسائل أخرى و لم يعلم الطبيب و لا أى واحد منا أن هذه الزجاجة ستقضى عليه 0بعد يومين تمكنت من السفر الى الاسكندرية مع شقيقته المرحومة علية و توجهنا على الفور الى مستشفى المواساة كانت حالته مستقرة فاصطحبناه الى القاهرة 00و بعد حوالى شهر و نصف فوجئت بظهور أعراض التهاب كبدى وبائى على حليم فقد كانت زجاجة الدم الذى نقل اليه تحتوى على فيروس (ب) ليلتها جلست مع المرحوم الاستاذ الدكتور ياسين عبد الغفار و التشاؤم يخيم علينا أدركنا أن تحولا خطيرا قد حدث فى مجرى المرض و أن العلاج سيكون أصعب و بعد ذلك حينما صرحنا حليم بذلك واجه الأمر فى شجاعة حتى كان النزيف الاخير فاختار المقاتل أن يستريح -ولد حليم 21 يونيو 1929 فى قرية الحلوات مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية -كان رابع اخوته من الشيخ على اسماعيل شبانة و السيدة بهانة أحمد عماشة - وقبله ولد اسماعيل 1919 ثم علية 1917 ثم محمد 1923 و حال مولده توفيت أمه و قد سببت وفاة أمه يوم مولده عقدة لازمته طوال حياته فلم يحتفل بعيد ميلاده ابدا لم يرق له أن يحتفل بذكرى وفاتها بأغنية عيد الميلاد بعد ذلك بخمسة أشهر توفى ابوه فرحلت الاسرة لكى تعيش فى كنف خاله المتولى عماشة ثم ذهب حليم الى القاهرة مع أخيه اسماعيل و التحق بمعهد الموسيقى و زامل كمال الطويل و فى الاذاعة اقترح عليه حافظ عبد الوهاب أن يغير اسمه الى عبد الحليم حافظ ليفرق بينه و بين أخيه اسماعيل شبانه الذى أصبح مطربا مسموعا قرر حليم أن يهجر الابوا و يحترف الغناء و قبل أن تذيع شهرته غنى فى أربع أفلام دون أن يظهر فيها و هى (بعد الوداع)و(فجر)و(علاء الدين و المصباح السحرى)و(بائعة الخبز)حيث كان شكرى سرحان يغنى بصوته -و حين اعتلى المسرح فى كازينو الشاطبى بالاسكندرية ليغنى (صافيتى مرة)و(ظالم) من الحان محمد الموجى قوبل بالاستهجان من جمهور الحاضرين و طلبوا منه أن يغن أغانى عبد الوهاب و قالوا لا نريد خواجة يغنى لنا و رفض حليم و ترك المسرح غاضبا و لم يهتز ايمانه و لا ضعفت ثقته بنفسه بل مضى فى طريقه يقدم الأسلوب الجديد الفريد فى الغناء و كانت أغنية (على قد الشوق)من ألحان كمال الطويل هى الانطلاقة الكبرى ثم لحن له عبد الوهاب أول أغنية و هى (الله يا بلدنا) و استمر التعاون الفنى حتى اّخر يوم و فى 18 يونيو 1953قام جلال معوض بتقديمه الى الجماهير خلال أحد حفلات الأندلس ليصبح حليم بعد ذلك الصوت المعبر لثورة يوليو و المؤرخ لانتصاراتها و مكاسبها ) نهاية الحلقة الأولى13 مايو 2007

رحم الله العندليب .. ياريت دكتور هشام عيسى يجمع كل مقالاته عن العندليب و يضعها فى كتاب

أقدم اليكم الحلقة الثانية من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص بعنوان حكايات(حليم) مع (الموجى) و (بليغ) و (السادات) 000(حين استقر حليم فى القاهرة كانت رياح التغيير قد بدأت فى مصر قامت ثورة لاحت تباشير المجتمع الجديد و حتى ذلك الوقت كان حليم ما زال يكافح للحصول على موافقة اللجنة القائمة على فحص الأصوات بالاذاعة لاعتماده مطربا بها و لكن اللجنة رفضت و كما مضت ثورة يوليو تثبت خطواتها و تسجل الانتصار تلو الانتصار مضى حليم بكل ما يحمله من عناد و ثقة بالنفس يواجه تيار اليأس و الاحباط ماضيا فى الطريق الذى رسمه لنفسه و تواءمت المسيرة و قامت الثورة وواجهت الاحتلال البريطانى لمنطقة القناة بالكفاح المسلح و المفاوضات حتى تم الجلاء و بدأ نجم حليم فى الصعود -استطاع أن يحصل على موافقة لجنة الاستماع و لكن أهم من ذلك حاز الاعجاب الكاسح من جماهير المستمعين -و بدأحليم و معه فرسان المرحلة الجديدة من شعراء و ملحنين يقودون مسيرة جديدة من الفن الغنائى و كما أخذ حليم يحلم بحبيبته و يغنى لها 0باحلم بيك0كان يحلم لوطنه بتماثيل رخام على الترعة و أوبرا و علت مكانة مصر فى العالم و عادت لها الريادة الفنية خاصة فى الدول العربية -ريادة فنية فى كل المجالات و أصبح الفنان المصرى علما فى كل أرجاء وطنه العربى -و فى المقدمة كان حليم فى تونس ذهب حليم ليغنى -كان الحفل فى الاستاد الرياضى ليسع الجمهور الهائل -توجه حليم فى عربة مكشوفة فحملتها الجماهير حتى الاستاد و فقد حليم الاتصال بمرافقيه و لم يتمكنوا من دخول الحفل الا بعد أن بدأبوقت طويل 0مرة أخرى كنت مع حليم فى باريس و قضينا اليوم نستمتع بنزهة على الاقدام فى الشانزليزيه و فى المساء توجهنا الى الفندق الذى كنا نقيم فيه مستقلين تاكسى و أثناء تبادلنا الحديث التفت الينا السائق الذى تبين لنا أنه عربى من شمال افريقيا - التفت قائلا-انتم من مصر؟قلت له نعم -قال أرجوك ياأخى عندما تعود أن تسلم لى على عبد الحليم حافظ 00و رأيت الامر مناسبا للمداعبة قلت للسائق طيب ما تسلم عليه أنت بنفسك و ضحك السائق ضحكة مصطنعة للمجاملة و قد بدت له النكتة سخيفة نوعا - فقال يا سيدى ليس فى امكانى أن أذهب الى مصر -قلت له المسألة ليست محتاجة -أنظر خلفك و سلم عليه -و التفت السائق بسرعة و هو يقود السيارة ثم قال و الله عندك حق صاحبك يشبهه -سكت السائق ثم كرر الالتفات ثم يقول و الله الشبه جامد -و أخيرا بدأيقتنع -أوقف التاكسى تحت نور قوى ثم قال و الله العظيم ده هو حليم وواصل قيادة السيارة متجها الى مكان غير المكان الذى نقصده صحت فيه على فين -قال من فضلك دعنى المهم انتهينا الى حى يسكنه السائق و كل جيرانه عرب الشمال الافريقى و أخذ ينادى عليهم طالبا أن ينزلوا ليشاهدواحليم و طلب كاميرا و هم يلتقطون معه الصور و لم يمتنع حليم أو يبد أى استياء و كان الامر يتكرر كثيرا فى كل بلاد العالم و الى جانب الصيت و الشهرة حاز حليم على ثقة القيادة السياسية -أحبه عبد الناصر و قال أنه السفير الاعلامى الأول لثورة يوليو و صاحب حليم ذوى النفوذ فكان ذلك نعمة على أصدقائه فى محنتهم و الامثلة على ذلك كثيرة ففى أحد أيام شهر أكتوبر عام 1964 و على التحديد يوم الثانى عشر صدر قرار بفصل الاعلامى المعروف مفيد فوزى من صباح الخير و كان مفيد فوزى يرتبط بصداقة عميقة مع عبد الحليم -و خطر بباله أن يذهب اليه -دخل اليه و أيقظه-من نومه و أبلغه بما حدث لم يتوان حليم و ارتدى ملابسه و صحب مفيد الى ذوى النفوذ و هناك روجع القرار و تبين أنه يفتقر الى مبرر جدى فرجع مفيد الى عمله و كانت مواقف حليم الانسانية تبدو واضحة فى حالات المرضى المحتاجين الى مساعدة و فى عام 1971 رزق الكاتب الصحفى منير عامر بطفله الأول شريف الذى أصيب بعد ثلاثة أشهر من مولده بالتهاب رئوى كان يهدد حياته و احتاج الأمر الى مضاد حيوى غير موجود فى مصر فى ذلك الوقت فكت منير عامر القصة فى صباح الخير و بعد مدة لم تتجاوز اليوم الواحد فوجىْ منير بمندوب الاستعلامات فى دار روز اليوسف يسلمه طردا يحتوى على الدواء المطلوب و معه خطاب رقيق من عبد الحليم يتمنى فيه الشفاء السريع و تكرر نفس المشهد حين مرضت حنان ابنة مفيد و ذهب حليم الى المنزل ليعطيها الدواء المطلوب بعد أن حصل عليه من بيروت و فى يوم كنا نتوجه مع بليغ لحضور حفل فى منزل الرئيس السادات و كانت المناسبة عقد قران احدى بناته و فى طريقنا همس بليغ هناك رجاء أريد عرضه على الرئيس و اقترح أن نتأخر حتى نهاية الحفل و نكون اّخر المودعين حتى أستطيع ذلك 0كان الاستاذ مرسى سعد الدين شقيق بليغ قد أقصى من منصبه فى ألمانيا الشرقية و كان يعمل ملحقا ثقافيا هناك فذهبنا للحفل و كان جميلا و غنى حليم كما غنى مطربون و مطربات كانت معظم الالحان لبليغ و انتظرنا حتى انصرف الجميع تقدمنا نحن الثلاثة للتهنئة و التحية و خجل بليغ من فتح الموضوع و استعد لينصرف و هنا تدخل حليم قائلا يا ريس بليغ عاوز يكلمك فى موضوع مرسى و فى النهاية رد السادات بأنه سوف يعينه فى المكان اللائق و بعد أيام عين مرسى سعد الدين رئيسا لهيئة الاستعلامات 0اياد كثيرة لحليم على أصدقائه الفنانين و غيرهم 00و من ناحية أخرى صعد عبد الحليم الى القمة بعد أن واجه الاحباط صعد و هو واثق فى موهبته و قدراته كانت له الكلمة فى اختيار المسافرين معه الى حفلات الدول العربية كما حدث فى المغرب كان يصحب معه محمد قنديل و محمد رشدى و العزبى و غيرهم و على المسرح كان هو المطرب الوحيد الذى يقدم الملحن و يبالغ فى الثناء عليه ثم يقدم أفراد الفرقة و فى الاعداد لاحدى حفلاته السنوية كان مقررا أن يغنى أغنيتين احداهما 0حاول تفتكرنى0من الحان بليغ و الثانية 0رسالة من تحت الماء0 من أشعار نزار قبانى و الحان محمد الموجى و بدأ الموجى فى التلحين و كنا فى العجمى و كان اللحن جميلا ثم أصابت حليم نوبة من نوبات المرض و ألزمته الفراش مدة ليست قصيرة و حدثت واقعة غريبة لست أدرى كيف حدثت -همس بعض الوشاه بأن أم أمين زوجة محمد الموجى تمارس السحر الذى يؤثر على حليم -و الأمر كله غريب فلا أم أمين تمارس سحرا و لا هى ترضى لحليم بأى ضرر فهى و زوجها من أكثر محبيه الغريب أن هذه الواقعة نقلت لحليم و على سرير المرض و كان معه كاتب كبير (د/هشام يقصد أنيس منصور)-و يبدو أن حليم أخبره بالحكاية و لكن الشىْ الأغرب أن الكاتب الكبير كتب هذه الكلام فى نفس الاسبوع فى مجلة ذائعة الصيت و قراّه الناس و استشاط الموجى غضبا -كان الأمر مفاجأه له رغم أن الموجى قد تعددت زيجاته الا أن أم أمين كانت تحظى عنده بمكانة لا يدانيها فيها أى أحد و كتب الموجى يرد بقسوة و رغم أن حليم أعتزر على صفحات الجريدة الا أن القطيعة حدثت -حدث ذلك و نحن فى خارج مصر -و سرت شائعة أن الموجى أعطى لحن رسالة من تحت الماء لمطرب اّخر -كان حليم قد استعد لهذة الاغنية فقد أحبها حين استمع الى لحن الجزء الأول و صعب عليه أن يفقدها و لكن كبرياؤه منعه من التصرف و لكن بعد مكالمة تليفونية للصلح حضر الموجى الى منزل حليم و تعاتبا ثم تعانقا و بحماس شديد احتضن الموجى عوده و بدأ يداعب أوتاره و حين انفردت بالموجى همس لى قائلا :أنا صعبان علىّ أخى و حبيبى حليم الا يغنى هذا اللحن الجميل و هكذا انتزع حليم أغنيته مرة أخرى و فى الحفل أضاف لأول مرة أغنية ثالثة من الحان الموجى وهى أغنية 0يا ملكا قلبى شعر المرحوم عبد الله الفيصل 0000نهاية الحلقة الثانية- 20 مايو 2007

شكرا على هذه المذكرات الرائعة لطبيب حليم الدكتور هشام عيسى

أقدم اليكم الحلقة الثالثة من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص بعنوان قصص عبد الحليم حافظ فى قصور الحسن الثانى 000(قصة حليم فى المغرب تستحق أن نفرد لها جزءا كبيرا من هذه المذكرات و فى الأعوام الأخيرة من حياته تعددت زياراته للمغرب كثيرا 00خلال المدة من 1970 حتى النهايه سافرنا الى المغرب أكثر من خمس عشرة مرة وأذكر هنا بالمناسبة أن قصة حب حليم ل السندريللاقد حدثت مبكرا فى المغرب و المغرب بلد عريق يرجع تاريخه الى 800 سنة قبل الميلاد عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية قام السلطان محمد الخامس بمشاركة حزب الاستقلال 00بمطالبة الفرنسيين بالجلاء 00فنفاه الفرنسيون الى مدغشقر و استمرت القلاقل و قامت اللجنة العربية لتحرير المغرب فى القاهرة بمساندة المجاهدين حتى تم الجلاء و انهاء الحماية و اعلان استقلال المغرب فى 2مارس 1956 0على متن الطائرة من بيروت الى الرباط أخذ حليم يحدثنى عن المغرب 00كنت على موعد مع زيارتى الأولى لها مع حليم الذى سبقنى الى زيارتها من قبل 00كان الحديث يدور حول ما سوف أشاهده من ترحيب أهل البلد و الأصدقاء الذين يحبون حليم 00و على رأسهم الملك الحسن الثانى بنفسه 0حطت الطائرة فى مطار الرباط تلك المدينة الهادئة الت ترقد على ساحل المحيط الأطلسى عند مصب نهر بدر جريج 00و ما ان بدأنا أولى خطواتنا فى المطار حتى اتضح لى أن عبد الحليم لم يكن يبالغ كثيرا فى حديث الترحيب المتوقع 00كان فى انتظارنا مندوب من القصر الملكى رافقنا الى الخارج دون أى اجراءات دخول و نحن نستقل السيارة المرسيدس الفاخرة الى فندق هيلتون الرباط توافد الى الفندق بعض الأصدقاء 00ثم حضر مولاى حفيظ رئيس المراسم فى القصر الملكى ليسلم على حليم و يخبرنا أن موعدنا مع الملك فى التاسعة من صباح الغد فى القصر الملكى فى الصخيرات وصلنا صباح اليوم التالى متأخرين عن الموعد بأقل من ساعة ان التأخر عن موعد مع الملك شىْ غير مألوف و لكن حليم كان استثناء من هذه القواعد قادنا المرافقون الى أرض الجولف فى الساحة الشمالية للقصر أخذت أدقق النظر و أنا أشاهد الملك لأول مرة 00بدا الملك متوسط القامة يتحرك فى سرعة و رشاقة الرياضى الذى يمارس الرياضة يوميا 00عانق الملك حليم فى مودة ظاهرة 00ثم تقدمت لأسلم عليه و بدأيتكلم بسرعة و يداعب حليم كان هذا دليلا اّخر على المكانه التى يحظى بها حليم عنده 00و فى الحفلات الخاصة التى كان يشدو فيها حليم و باقى الفنانين المصريين 00كان الملك يتحدث دائما فى الشئون الفنية و الموسيقية 00كان الملك الحسن قد قرر أن يتولى الانفاق على علاج حليم و عرضه على كبار الأطباء فى الولايات المتحدة 00وأخذ يشرح لنا كل الترتيبات التى اتخذها للرحلة 00فكلف القنصل المغربى فى نيويورك و هو الجعيدى بحجز الفنادق و تحديد موعد مع المستشفى 00وكان مقررا لنا أن نبدأ رحلة العلاج بعد عدة أيام نقضيها فى المغرب 00ثم نعود بعد ذلك الى المغرب مرة أخرى 00كان الملك يستدعى حليم للاحتفال بكل المناسبات المتعلقة به 00عيد جلوسه على العرش و عيد ميلاده 00و ميلاد ولى العهد 00و مولاى رشيد الابن الأصغر 00وكذلك رأس السنة الميلادية 00و أحيانا عيد الفطر و عيد الأضحى 00بعد عودتنا من أمريكا 00تكررت زياراتنا للمغرب و فى أواخر يونيو عام 1972 تلقينا الدعوة من الملك لحضور الاحتفال بعيد ميلاده الثالث و الأربعين 00و كانت الرحلة هذه المرة شاقة 00أقلتنا الطائرة من بيروت كالعادة الى باريس 00و كان مقرراأن نستقل طائرة منها الى الرباط 00و لكن الطائرة تأخرت فاضطررنا الى ركوب طائرة متجهة الى كازبلانكا التى تبعد عن الرباط بحوالى 150 كيلو مترا 00و اتصلنا بالقصر الملكى كى يرسل سيارة تنقلنا منها الى الرباط 00و فى الطريق تعرضت الطائرة الى عطل مفاجىْ كاد يسقطها 00و فى النهاية وصلنا الرباط بعد رحلة طويلة و نحن فى غاية الارهاق 00كان الملك قد دعا للاحتفال كوكبة هائلة من الفنانين المصريين و بعض الفنانين العرب 00كان هناك :محمد عبد الوهاب و فريد الأطرش ووديع الصافى و محمد قنديل و محمد رشدى و محمد العزبى و شادية و هدى سلطان و عفاف راضى و الموجى و بليغ و منير مراد و محمد حمزة و الممثل صلاح ذو الفقار 00بالاضافة الى الفرقة الماسية بأكملها بقيادة أحمد فؤاد حسن 00و فى مساء 8 يوليو اليوم السابق للاحتفال الكبير توجه الجميع الى قصر الصخيرات حيث جرى احتفال غير رسمى تمهيدا للغد غنت شادية و فايزة و هدى و عفاف 00ثم بدأ الملك يرتب تفاصيل احتفال اليوم التالى و أعلن أن يشرفه أن يقود بنفسه الفرقة الماسية حينما يغنى عبد الوهاب غدا ثم التفت الى حليم قائلا :عليك أن تذهب مبكرا الى الاذاعة لتسجيل الأغنية التى أعددتها للمناسبة كى تذاع على الناس 00أما عبد الوهاب و فريد و وديع فطلب منهم مشاركته على مائدة الغذاء الساعة الثانية ظهرا على أن ينضم اليهم حليم بعد التسجيل 00كان الملك فى قمة السعادة 00و هو يلقى بالتعليمات و يتدخل فى كل التفاصيل و انقضت السهرة على خير ما يرام 00فى طريق عودتنا من القصر الى الفندق قلت لحليم انك لن تستطيع الانتهاء من التسجيل قبل موعد الغذاء 00أنا أعرفك جيدا00و كان يجب أن تعتذر للملك 00رد حليم قائلا سندرك الغذاء باذن الله 00ثم أدار راديو السيارة و كانت معظم الأغانى فى الراديو للفنانيين الحاضرين عبد الوهاب و حليم و رشدى و فريد و كانت الأغنية هذه المرة لعبد الوهاب أغنية-أحب عيشة الحرية-و كان عبد الوهاب قد استعار مقدمتها الموسيقية الحركة الأولى من السيمفونية الخامسة ليبتهوفن المعروفة باسم السيمفونية القدرية 00و تبدأ بأربع ضربات 00تمثل الموت يقرع الباب 00كان ذلك ايذانا بحوادث اليوم التالى )000نهاية الحلقة الثالثة 27 مايو 2007

الى الأخ العزيز مصطفى أولا أنا أشكرك على تقديرك لمذكرات د/هشام و بالنسبة لمعنى كلمة (بيشوى) هى معناها (سامى أو عالى) و هو من مشاهير الاّباء أو القديسين فى القرن الرابع الميلادى وولد عام 320 ميلادية فى مصر وكانت حياته كلها فى الأديرة فى مصر0000مع تحياتى

بالنسبة لمذكرات د/ هشام أنا فعلا كنت بأسأل نفسى لماذا د/هشام لم يضع هذه المذكرات فى كتاب قيم و مميز خصوصا أنها مذكرات طويلة و بها كلام يقال لأول مرة؟

الى الأخ العزيز رضا أنا أشكرك على تقديرك لمذكرات د/هشام و كلامك الرائع عن هذه المذكرات و اهتمامك بها و كل أصدقاء و صديقات الموقع و بصراحة الموقع أصبح جزء من قلبى و أنا فى القريب سأقدم مواضيع أخرى غير الكتابة ستكون مفاجأة بس فى شوية مشاكل أفضى منها و أفهم من كلام حضرتك يا أستاذ رضا أن يكون كل مرة أبعث بها كل حلقة أ ن يكون العنوان كالاّتى (مذكرات د/هشام عيسى طبيب العندليب على حلقات )000مع تحياتى

شكرا للاستاذ "بيشوى" على التوضيح واسم بالفعل جميل
وان شا ءالله نكون جميعا في خدمة الله سبحانه

لا ليس هذا القصد يا استاذ بيشوي
اقصد ان يتم رفع كل الحلقات هنا
يعني بدل ما تفتح موضوع جديد في كل حلقة
تكمل كل الحلقات هنا
وان لم يتيسر لك ذلك اكمل عملك وان سادمج الحلقات مع بعض هنا

أخى العزيز رضا أنا فهمت قصدك000شكرا000مع تحياتى

أقدم اليكم الحلقة الخامسة من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص -أيام الحب فى كازبلانكا 00بين العندليب السندريللا-000(سوف نفتح اليوم صفحة مهمة فى حياة العندليب 00انها قصة سعاد حسنى فى كنت مترددا فى أن أفرد لها فصلا كاملا فى هذه المذكرات 00مفضلا أن أضعها فى سياق الكلام عن جملة حياته العاطفية و لكننى عدلت عن ذلك لأسباب كثيرة 00فقد لمست رغبة عارمة من معظم الجماهير التى بلغ عشقها لحليم وسعاد أبلغ المدى 00رغبة فى أن يعرفوا كل هذه العلاقة و كيف انتهت و كان هناك سؤال تردد كثيرا هل تزوج حليم من سعاد ؟ قررت أن أتكلم فى هذا الموضوع ملتزما بالاقتصار على سرد الوقائع و مبتعدا عن اختراع أقوال كتلك التى نسبت اليهما 00لقد قرأت بعض القصص عن حليم و سعاد دبجها خيال من ألفها 00و احتوت على حوارات اخترعها الكاتب مع حليم و سعاد بعد أن أصبحا فى جوار ربهما 00و بعض الحوارات كان أحاديث فى غرف مغلقة بين هذا الثنائى لا أدرى كيف أستطاع كاتبها أن يحصل عليها 00رأيت اذن أن أروى قصة حب حليم و سعاد 00فهى قصة حقيقية بين اثنين يمثل كل منهما ظاهرة فنية نادرة التكرار 00حب فيه الاّمال التى تغذى الأحلام و القدر الذى يطيح بها فيه بهجة التلاقى و لوعة الفراق لنلقى نظرة سريعة على بداية بطلتنا 00ولدت سعاد حسنى فى القاهرة يوم 26 يناير من عام 1942 و يحمل تاريخ 26 يناير ذكرى لا ينساها من عاشوا تلك الأيام 00فبعد 8 سنوات من مولدها و فى نفس التاريخ احترقت القاهرة بفعل من تاّمروا على اجهاض الكفاح المسلح ضد القوات البريطانية التى كانت تحتل القناة 00و الذى بلغ ذروته ذلك الحين أجهض الكفاح و لكن الحريق كان مقدمة للاطاحة بالعهد القديم كله 00بعد ثلاث سنوات من مولدها 00و هى لم تزل بعد طفلة صغيرة 00اشتركت سعاد فى أشهر برنامج اذاعى للأطفال و هو -بابا شارو-00حيث كانت تغنى -أنا أخت القمر- و هو الاسم الذى التصق بسعاد فترة طويلة قبل أن تلقب بالسندريللا 00و كانت أول اطلالة لوجهها عل جمهور السينما 00حين التقطت العين النفاذة للكاتب عبد الرحمن الخميسى موهبتها فى وقت مبكر 00فتبناها و عهد بها الى صديقه ابراهيم سعفان مدرس اللغة العربية الذى تحول بعد ذلك الى التمثيل الكوميدى 00ليعطيها دروسا فى الالقاء ثم قدمها الى المخرج بركات لتقوم بدور البطولة فى فيلم -حسن و نعيمة-أمام الوجه الجديد محرم فؤاد 00و عمرها لم يتجاوز بعد السبعة عشر ربيعا 00كان ذلك فى عام 1959 00لفتت سعاد الأنظار فرشحت لتلعب دور أخت حليم فى فيلم -البنات و الصيف- عن قصة الكاتب المعروف احسان عبد القدوس -كان ذلك أول لقاء فنى مع حليم و اّخر لقاء فنى أيضا -و لكنه كان بداية قصة الحب 00أحس حليم بقلبه يخفق لأخت القمر البنت الجميلة الشقية التى لا تخلو ملامحها من أنوثة طاغية 00مع احساسه بالحب التقط حليم بحدسه الذى قلما يخيب فى الاختيار 00الموهبة القادمة و صارع لتقوم سعاد بدور حبيبته لا أخته 00و لكن هذا الاقتراح لم يلق قبولا من القائمين على الفيلم 00و حتى المؤلف اعترض عليه فلعبت زيزى البدراوى دور الحبيبة 00و احتفظت سعاد بدور الأخت 00ولم يخف حليم خيبة أمله لعدم أخذهم برأيه 00و كان يردد دائما أنه كان مدفوعا باعتبارات فنية تحققت صحتها بعد ذلك 00و لقد كان دور سعاد فى هذا الفيلم هو اّخر مرة تلعب فيه دورا ثانويا و بعد ذلك لعبت دور البطولة المطلقة فى فيلم-اشاعة حب-أمام النجم عمر الشريف و أصبح واضح للجميع أنهم أمام ظاهرة غير عادية و موهبة فذة 00و نما الحب بين حليم و سعاد و فى بداية لقائهما كان حليم قد مثل الفيلم العاشر على حين كانت سعاد تمثل فيلمها الثالث خلال عام 1961 قامت سعاد ببطولة 7 أفلام ثم قامت ببطولة 5 أفلام خلال عام 1962 00لم ينقطع لقاء حليم و سعاد خلال هاتين السنتين 00و كان حليم يقوم بدور المحب و الأب و الراعى لسعاد و يقدم لها المشورة دائما 00و لكن ماذا عن الزواج 00و متى بدأت فكرته؟00كان ذلك حين قامت -صوت العرب- عام 1961 بتنظيم رحلة الى المغرب تقام خلالها عدة حفلات غنائية يخصص دخلها لضحايا الزلزال المدمر الذى وقع فى مدينة أجادير المغربية يوم 29 فبراير عام 1960 و دمر الجزء الأكبر من المدينة و أوقع اّلاف القتلى 00و كان رأس هذه البعثة السيد كمال اسماعيل نائب مدير اذاعة صوت العرب و معه اعلامى اّخر من أحب أصدقاء حليم و هو وجدى الحكيم و قد لعب دورا فى قصة حبهما 00كانت البعثة تضم الى جانب حليم و سعاد كلا من الفنانين :يوسف وهبى و عمر الحريرى و اّمال فهمى و محمد عبد المطلب و محمد قنديل و هدى سلطان و شريفة فاضل و المنولوجيست الشهير محمود شكوكو و قدمت البعثة حفلات غنائية على المسرح الوطنى فى الرباط 00ثم على مسارح البلدية فى مدن الدار البيضاء و طنجة و تطوان و فاس و مكناس 00خلال الرحلة وصلت قصة الحب بين حليم و سعاد الى ذروتها 00عاش العاشقان أسعد أيامهما 00ارتشقا رحيق الحب كاملا 00كانا لا يفترقان ابدا 00و لم يكتما شيئا و لمس كل من بالرحلة مدى التطور فى حبهما 00فقد اتفقا على الزواج 00كان حليم يحلم بالأسرة العادية زوج و زوجة و أبناء 00تلك الأسرة التى افتقد صورتها فى طفولته الحزينة 00و كانت سعاد تحلم أيضا بدفء و استقرار المنزل الذى لم تنعم به بين أب و أم مطلقين يتنازعان عليها بين المحاكم و حين اقتربت الرحلة من نهايتها كان حليم و سعاد 00قد بحثا فى تفاصيل الزواج المقبل كان من المفروض أن سعاد سوف تنتقل بعد عقد القران فى القاهرة الى منزل حليم فى الزمالك 00و هو المنزل الذى ينقسم الى جناحين منفصلين 00يقيم حليم فى الجناح الذى يطل على حديقة الأسماك و به غرفة نومه الكبيرة و غرفة نوم مجاورة 00ثم مكتب و بعد ذلك يمتد المكان ليكون ثلاث صالونات منفصلة و مفتوحة 00ثم غرفة المائدة و الجناح كله اّية فى الذوق الرفيع 00أما الجزء الاّخر من المنزل فقد خصص لشحاتةو زوجته اللذين يتوليان العناية بكل شئون المنزل و يضم الى جانب غرف نومهما المطبخ و غرف العاملين بالمنزل 00و كنا نطلق على هذا الجزء من المنزل جناح الزقازيق و هكذا لم يكن مطلوبا عند زواج حليم الا اعادة تأثيث غرفة نومه 00و قد أعجب الثنائى خلال جولتهما بالمغرب بسرير من النحاس كان اّية فى جمال الصنعة فاتفقا على شرائه 00و قام حليم بدفع ثمنه و ابقائه عند البائع لحين شحنه الى القاهرة 00غادرت البعثة المغرب و توجه حليم و سعاد و يوسف وهبى و الصديق وجدى الحكيم 00توجهوا جميعا الى جبل طارق 00حيث قضوا ثلاثة أيام فى السباحة و النزهة بعدها قام الفنان يوسف وهبى بدعوتهم لقضاء عطلة قصيرة فى منزل كان يملكه فى جنيف فى سويسرا و بسبب مشكلة ادارية سافر وجدى الحكيم الى المغرب لحلها و عاد الباقون الى القاهرة و طلب حليم من وجدى أن يقوم بشحن السرير و بعض القطع الأخرى الى القاهرة حال وصول حليم 00أتم وجدى مهمته و بينما هو يقوم باجراءات الشحن تلقى مكالمة من حليم يطلب منه عدم اتمام شراء السرير و الغاء الصفقة تماما 00سأله وجدى لماذا يا حليم؟ 00فرد بصوت مخنوق :لقد ألغى الزواج 00كيف00لقد غيرت سعاد رأيها 00رفضت الفكرة فجأة 00و كان وقع الخبر على حليم كالصاعقة 00لم يكن حليم هو الذى رفض مشروع الزواج كا قيل 00وفقد كانت سعاد الحب الحقيقى فى حياته 00و قد تكررت تجارب حليم بعد ذلك فى الحب و حتى فى محاولات للزواج كان يتراجع عنها دائما 00و لكن رفض سعاد ترك فى قلبه جرحا غائرا 00كانت سعاد تحب حليم أيضا حبا صادقا 00فلماذا رفضته ؟00لقد قالت سعاد مرة انها لو تزوجت حليم لكان عليها أن تسكن فى جناح الزقازيق لتحل محل ابن خالته و زوجته 00و سوف تتحول الى ربة منزل لا شغل لها الا أن ترعى حليم و توفر للنجم الكبير ما يحتاج اليه من عناية فى منزله ليواصل تألقه 00و لم يكن ذلك رغم حبها لحليم هو نهاية المطاف فى تطلعاتها 00فقد قامت السندريللا بعد ذلك ببطولة 82 فيلم و ارتفعت خلال الفترة الزمنية التى تلت رفضها للزواج الى قمة القمم 00و لست أدرى هل كان يمكن أن تقطع هذا الشوط لو وافقت على الزواج من حليم؟ 00و طوال المدة التى عشتها مع حليم لم تنقطع سيرتها بيننا 00كما لم ينقطع حليم عن الاتصال بها الى أن تزوجت من على بدرخان 00و كان حليم على ثقة كاملة من أن رفضها جاء نتيجة لنصيحة من بعض المحيطين بها بأن زواجها من حليم سيكون عمره قصيرا 00و أن النجم الكبير سوف يهجرها يوما فقد تعود أن يطير من زهرة الى زهرة 00و قد أسعدتنى الظروف بأن أراها و أجلس معها ضيفا فى منزلها مع على بدرخان كان ذلك بعد موت حليم 00كانت سعاد قد تغيرت فقد نضج فكرها الاجتماعى بعد أن تم نضجها الفنى 00 واحتفظت بمرحها و جاذبيتها الرائعة 00و استمعت الى غنائها فى تلك الجلسات الخاصة 00و كم وددت لو أستطعت أن أسألها عن سر رفضها 00أو أن أثير معها الموضوع بأية طريقة 00و لكن الظروف لم تكن تسمح لى يأن أتداول معها هذا الموضوع)00نهاية الحلقة الخامسة

أخى العزيز رضا أنا معك فى أن هناك فى هذه المذكرات صور نادرة جدا عندى وليس فى هذه المذكرات فقط و انما أى موضوع بأرفعه به صور نادرة جدا و لكن أنا عندى مشكلة من ناحية الامكانيات سأحلها خلال 3 شهور و هذه المشكلة تمنع رفع أى صور أو الشرائط النادرة اللى عندى أو رفع الموضوع مباشرة و لكن اذا كانت المذكرات عندك عايز أنت تكملها برفع المواضيع مباشرة فى هذه الحالة أنا ليس عندى أى موانع

شكرا يا أستاذ رضا على ردك الراقى 00مع تحياتى

شكرااا اخ بيشوى على هذه المذكرات الرائعة
في انتظار البقية

الف شكر على هذه المساهمة القيمة. كلام الدكتور هشام عن العندليب والسندريلا اقرب بكثير من الواقع خاصة عندما نقارنها بالقصص الخرافية من امثال مفيد فوزي و غيرهم من مستثمرين عبدالحليم!!

أقدم اليكم الحلقة السادسة من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص بعنوان -قصة الحب و المرض و الغناء00وداع يا دنيا الهنا00وداع يا حب يا أحلام00(لو أردنا أن نضع عنوانا دائما لحياة العندليب لكان ذلك هو - الحب و المرض و الغناء-فلقد دارت حياته داخل المثلث الذى صنعته هذه الأضلاع الثلاثة 00أما المرض فهو أول ضيف التقى به 00و ياله من ضيف ثقيل لازمه طوال حياته -ف حليم هو أشهر مريض بالبلهارسيا التى أصابته فى طفولته 00و نوع البلهارسيا الذى أصيب به كان بلهارسيا الأمعاء و هو الذى يتسلل الى كبد المريض اذا لم يتم علاجه فى وقت مبكر و ربما كانت طبيعة حليم فى تحمل الألم و السكوت هى التى حالت بينه و بين الشكوى طلبا للعلاج الذى لم يكن متيسرا له بسهولة على أى حال -كما أن علاج البلهارسيا فى ذلك الوقت كان يتم من خلال حقن المريض فى الوريد بمادة التارتير و هى تصيب المريض بالارهاق و الغثيان و القىء و طريقة الحقن كانت تحمل أمراضا أخرى تضاف للمريض أكثر مما كانت تحمل من الشفاء 00هكذا أصاب المرض كبده فكان التليف ثم دوالى المرىء التى تسبب النزيف المتكرر و حدثت أولى النوبات أثناء قيامه بتمثيل فيلم-لحن الوفاء- عام 1955 مع شادية و بدأت رحلة العلاج فى القاهرة مع الأستاذ الدكتور زكى سويدان ثم فى لندن مع أكبر أساتذة الكبد فى العالم شيللاشارلوك - التى أوصت باللجوء الى الجراحة و أحالته الى الدكتور تانر الذى أجرى له عملية تعرف باسمه حتى اليوم بهدف تقليل كمية الدم الذى يغذى دوالى المرىء -و قد منحته هذه الجراحة هدنة معقولة لعدة سنوات من معاناة النزيف 00لم يدم ذلك طويلا و بدأت بوادر تشير الى عودة الخطورة حتى كان يوم 28 سبتمبر 1970 يوم رحيل عبد الناصر و نزف حليم و نقل الى المستشفى حيث نقلت له زجاجة الدم المحتوية على فيروس -ب- و كما أشرنا من قبل بدأت حالته تسوء تدريجيا و أخذ حليم يعانى من النزيف كلما تجاوز قليلا فى المجهود أو استغرقه العمل و الغناء أو تناول طعاما خاطئا لقد حرم المرض حليم من تناول معظم أصناف الطعام التى يشتهيها و كان لديه طباخ من أمهر الطباخين فكان حليم يعد كل يوم مائدة حافلة بكل ما لذ و طاب من أنواع الأكل و تمتد المائدة و يحضر الأصدقاء كل ليلة و يقوم حليم بتقديم الأصناف المختلفة و هو يثنى عليها و يلح على كل من يتوقف عن الأكل و كأنه يعوض حرمانه حين يراهم و قد استمتعوا أما طعامه فكان يقتصر على المسلوق و كمية قليلة من اللحوم و يخلو تماما من كل التوابل و المشهيات و حين تكون المناسبة دعوة فى حفلات القصور كان يطلب طعامه المعهود ثم يبدأ فى ممارسة نفس ما يفعله فى منزله مقترحا على أصدقائه من باقى المدعوين أن يتناوله بعض الأصناف و كأنه قد جرب طعمها من قبل و لم يقدم مرة واحدة على مخالفة التعليمات -كان مريضا مثاليا 00كان أكثر ما يخشاه حليم أن يعطله النزيف عن الغناء الذى لم يتصور ابدا أن يعجز عنه أو يضطر الى اعتزاله و حين توجهنا الى أمريكا بحثا عن خبرة جديدة لم يكن الحل المقترح الا عملية جراحية قديمة كانت تجرى فى لندن بل و فى القاهرة للتخلص من خطر النزيف و تتلخص العملية فى ايصال الوريد القادم من الأمعاء بالوريد الرئيسى الذاهب الى القلب دون المرور على الكبد و كان يمكن أن تبعد عنه الخطر 00و لكن الثمن كان فادحا بالنسبه له فهى تسبب مرور مواد سامة الى المخ مباشرة و تسبب للمريض نوبات من الغياب عن الادراك و الوعى عما حوله 00و قد رفضها حليم تماما حين عرف أنها سوف تكون عائقا أمام فنه و ظل شبح المرض يطل علينا طوال الوقت -و أصبحت الأزمة تهدده ليل نهار و فى كل مكان و خلال حفلاته الغنائية كان هناك أربعة متطوعين بالدم بين صفوف الجمهور بعد أن أجرى لهم اختبارات التوافق مع دمه و اختبارات الخلو من الأمراض المعدية و خلال السفر كنت أحمل ثلاجة صغيرة بها زجاجات الدم الى جانب بعض الأدوية و قد حدث أن فاجأتنا نوبة النزيف و نحن فى شاليه العجمى فى شهر أكتوبر 1971 كانت المفاجأة ليلا و لم تسمح الحالة أو الوقت بنقله و اضطررت للبحث عن متطوعين فى الجوار و كان العجمى قد خلا من كل المصيفين و عثرت على ضالتى حين استدعيت ابنتى شقيقتى من شاليه مجاور و هما عزة بلبع و اختها جيداء و تطوعا بدمهما و كان صالحا لنقله لحليم رغم صغر سنهما فى ذلك الوقت و بعدها أخذ حليم يعلم عزة الغناء و يشجعها عليه و كانت أشد نوبات النزيف التى حدثت له فى المغرب عقب انتهاء احدى حفلات العرش عام 1972 و قد حدثت ليلا فى فندق -هيلتون- ايقظنى حليم و الدم يغطى فراشه و ملابسه و أرض الغرفة و هرعت الى بنك الدم فى مستشفى -ابن سينا- فى تلك الساعة لأحضر له زجاجة دم لحين نقله الى المستشفى فى الصباح حيث قضى فيها 15 يوما بين الموت و الحياة ثم حملتنا طائرة خاصة الى مستشفى -سالبتيير- فى باريس بتوصية من الملك الحسن حيث أقام شهرا كاملا و تم خلاله عمل كونسولتو من كل من عالجه فحضر الدكتور ياسين عبد الغفار من القاهرة و الجراح العالمى تانر من لندن و اشترك معهما رئيس الكبد فى المستشفى الفرنسى و هو سارزان و لم يسفر ذلك عن أى جديد و ظل الأمر على حاله حتى اتصل بى دكتور تانر و كان يجرى عملية جراحية فى الرياض قائلا:أنا أرثى لحالك ولكننى سأعرض عليك اقتراحا قد يكون هو الحل فهناك طبيب أنف و أذن اسكتلندى من جامعة رادكليف كتب بحثا بأنه يحقن دوالى المرىء بمادة تمنع النزيف و سوف أرسل هذا البحث اليك فان أعجبك فهذا رقم تليفونه اتصل به حدث الاتصال بالدكتور ماكبث الذى حضر الى باريس و قال لى ان وافقت فسوف أقوم بنقله فى مستشفى صغير بجوار جامعة رادكليف و لن أكون مسئولا عن المريض تسلمه لى قبل العملية و أتركه لك بعدها 00و هكذا كان حليم أول مصرى يجرى له حقن الدوالى و تكرر الأمر بعد ذلك و نجح فى درء الخطورة عنه بنسبة كبيرة 00و قد قصدت أ ن أسهب قليلا فى قصة مرضه لأبين كم عانى هذا الفنان الذى قيل عنه أحيانا انه كان يبالغ فى اظهار المرض 00و لقد غير المرض من أسلوب حياته و عاداته فكان يسهر الليل بطوله و يمارس خلاله معظم نشاطه و يقابل الأصدقاء الذين يتوافدون على منزله من أول الليل و يسهرون معه حتى يبدأ ضوء النهار 00كان حليم يكره أن ينام ليلا و الحقيقة أن معظم أزماته الصحية حدثت فى الليل و كانت مصدر ازعاج له و لمن حوله فأراد أن يتجنب ذلك لقد قلل المرض من انتاجه الفنى و أثر على حياته العاطفية فكان العزوف عن الزواج قرارا اتخذه حين اكتشف أنه يقضى على الأقل نصف العام على سرير العلاج يضاف الى ذلك أن اعداد أغنية واحدة و غناءها و تسجيلها يستغرق منه شهرين فماذا يبقى للزوجة ان وجدت ؟00فكيف كانت حياته العاطفية بعد ذلك ؟00حين أحب سعاد لم تكن حالته قد ساءت الى ذلك الحد و لقد كانت سعاد هى الحب الحقيقى فى حياته و هى المرة الوحيدة التى استقامت رغبته مع قراره بالزواج 00بعد ذلك كانت له عشرات التجارب فى الحب و لقد تميزت هذه القصص بتناقض عجيب لم يكن حليم كاذبا و هو يعيش كل قصة منها بل يستغرق فيها بكل ذاته و يعبر عنها فى أغنية يتفق غناؤها مع التجربة و فى قرارة نفسه يعلم أن شيئا لن يتم فى النهاية و أكاد أقول أنه كان يبحث فى كل مرة عن سعاد حسنى أخرى و أجزم أيضا بأن كل منهن كانت تحمل فى داخلها شيئنا من سعاد 00لقد أفاض الكثير ممن كتبوا عن حليم أو ألفوا فيلما أو مسلسلا عن تجربة السيدة المتزوجة التى عشقها وادعوا أن الزواج منها لم يتم بسبب موتها قصة بها من الخيال ما يفوق الواقع بكثير فالسيدة حقيقية و نعلم جميعا اسمها و نعلم أنها كانت على درجة كبيرة من الجمال و كانت متزوجة و لهذا كان الزواج منها مستحيلا و عندما ماتت بمرض فى المخ و هى بعد شابة حزن حليم و عاش الدراما لدرجة التصديق و قال أنه غنى لها -بتلومونى ليه- و اقتصر الأمر على ذلك رغم كل ما احاطه بالقصة و ما بالغ فيه خيال المؤلفين 00لم تنقطع محاولات حليم و تجاربه بعد ذلك و أخذ يجوب الاّفاق بحثا عن رفيقة الدرب و فى مصر و فى كل بلد تعود حليم أن يسافر اليه كانت له قصة حب عاشها زمنا طال أم قصر ثم يختمها الفراق على شاطىء العجمى أحب حليم فتاة فى عمر الزهور ووقعت فى حبه و خطر لحليم أن يعيد تجربة الزواج هذه المرة معها و قد خطبها فعلا و حضرت هذة الواقعة بنفسى كانت هذه هى احدى المرات القليلة التى اقترب بها الحلم من التحقيق و لكن كالعادة تبخر المشروع كالدخان و فى بيروت أحبته سيدة من زهرات المجتمع اللبنانى و حين يسافر الى بيروت كانت تشغل كل أوقاته و كان لحليم منزل فى حى الرملة البيضاء فى بيروت كانت هذه السيدة تعنى بكل شئون هذا المنزل فى غيابه و حين نصل الى بيروت نجد المنزل غاية فى النظافة و حسن الذوق و كان منزل هذه السيدة أحد أكبر الصالونات الاجتماعية فى بيروت يلتقى فيه نجوم المجتمع اللبنانى من شعراء و سياسيين و صحفيين و يقضى فيه حليم أوقاتا ممتعه و فى لندن أحب فتاة عربية كانت تعمل هناك فى سفارة بلدها و هى سيدة جميلة و مثقفة أحبها حليم حبا عميقا و رأيتها فى احدى المرات تبكى ربما كانت قد أدركت بذكائها أن ذلك الحب لن يطول و فى نيويورك تعرف حليم على امرأة فاتنة أمريكية كانت تقوم بالتمثيل فى هوليود فى أدوار ثانوية و قد تبعته هذه السيدة الى لندن ثم الى القاهرة و غادرتها بعد ذلك الى الأبد 000قصدت أن أذكر هذه التجارب دون أن أخوض كثيرا فى تفاصيلها فلم يكن الغرض هو الاثارة كما لم يكن هدفى أن أظهر حليم بصورة خاطئة للذى يعشق التنقل بين النساء فذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة أردت فقط أن أبين نمط حياته الغريب 00ولعل الشاعر الكبير نزار قبانى حين أهداه قصيدة قارئة الفنجان ليغنيها كان يقرأ حياته حين قال:مقدورك أن تمضى ابدا فى بحر الحب بغير قلوع 00و تكون حياتك طول العمر كتاب دموع -الى أن يقول:ستفتش عنها يا ولدى فى كل مكان 00وستسأل عنها موج البحر و تسأل فيروز الشطاّن و تجوب بحارا و بحارا و تفيض دموعك أنهارا 00و سيكبر حزنك حتى يصبح أشجارا 00و سترجع يوما يل ولدى مهزوما مكسور الوجدان 00و ستعرف بعد رحيل العمر أنك كنت تطارد خيط دخان ثم كان اّخر حب له لسيدة جزائرية فى باريس و هى أيضا أحبت حليم حبا يفوق الوصف و لما كنا فى القاهرة علمنا أن هذه السيدة ماتت بعد خلاف تطور الى مشادة مع زوجها الذى كان أيضا يحب حليم حبا شديدا و اعتدى عليها الزوج فى لحظة غضب و ضربها ضربة قضت عليها جن الزوج و على الفور أحضر مسدسه و أطلق على نفسه الرصاص 00لم يبك حليم فى حياته كما بكى هذه المرة و انطلق يلوم نفسه و هو غير مذنب و تملكته حالة من الاكتئاب و اليأس و العزلة و لم يخض بعدها أى تجربة عاطفية و لم يلتفت الى أى امرأة حتى النهاية كان ذلك قبل عام واحد من وفاته و فى السابق لم تكن تمضى عليه مثل هذه المدة دون حب جديد يعقبه فراق اّخر)00000نهاية الحلقة السادسة

أقدم اليكم الحلقة السابعة من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص-قصص خاصة جدا فى العلاقة بين موسيقار الأجيال و العندليب الأسمر- (لاشك أننى و أمثالى ننتمى الى جيل المحظوظين -عشنا زمنا جميلا على المستوى الفكرى و الاجتماعى و الثقافى و الفنى بل و السياسى فى كثير من الاحيان صحونا على صوت أحفاد الطهطاوى يواصلون رسالته فى التحديث و التنوير فقرأنا لطه حسين و العقاد و سلامة موسى و لطفى السيد و أحمد أمين و زكى مبارك و محمد حسين هيكل و حفظنا أشعار شوقى و حافظ ابراهيم أما فى الغناء فقد نعمنا بفن أم كلثوم و عبد الوهاب و حليم و لقد سرت تلك الأنغام لعبد الوهاب فى وجداننا و فى سن مبكرة كنت أقرأ أشعار أحمد شوقى و لفت نظرى أنه ذكر عبد الوهاب فى احدى قصائده التى كان يرثى فيها سيد درويش عام 1931 قائلا:سيد الفن استرح من عالم00اّخر العهد بنعماه الشقاء00لقد استخلفت نابغة لنا00دفع الفن اليه باللواء00ان فى ملك فؤاد بلبلا00لم يتح أمثاله للخلفاء00ناحل كالكرة الصغرى سرى00صوته فى كرة الأرض الفضاء0000-قرأت ذلك الشعر فعظم قدر عبد الوهاب عندى وتمنيت أن أراه يوما من الأيام و لم أتصور حينذاك أننى لن أراه فحسب بل سوف أحظى بجلسات طويلة معه و قد انتهزت بدورى تلك الفرصة الرائعة التى أتاحها لى الحظ الطيب فكنت أسأله بدورى حين أجلس معه عن أشياء كثيرة فى الفن الغنائى و حزت على ثقته الغالية فكنت الوحيد الذى سمح له بتسجيل جلسة كاملة و هو يلقن حليم أحد الألحان التى ألفها له و يغنيها معه على العود -و هو لحن -فاتت جنبنا- و سوف تبقى تلك الأيام فى ذاكرتى مصدر للفخر و السعادة فقد كان عبد الوهاب علما لا يبارى فى خفة الظل و سرعة البديهة و حضور النكتة 00سهرنا يوما فى المغرب فى ضيافة أحد الوزراء المقربين من الملك و كان الرجل يتمنى أن يقيم سهرة فى منزله يجمع فيها العمالقة الثلاثة عبد الوهاب و حليم و فريد الأطرش و تحقق له مراده و كانت السهرة ممتدة حتى الصباح و لكن عبد الوهاب اتفق أن ينصرف قبل منتصف الليل فهذا هو أقصى ما يقدر عليه من سهر ثم بدأ عبد الوهاب فى أحاديثه الشيقة و نكاته الفريدة و الحاضرون جميعا لا يكفون عن الضحك و سيطر عبد الوهاب على المجلس و الجميع سعداء بذلك 000ولد محمد عبد الوهاب كما تقول الأوراق عام 1907 فى باب الشعرية و مات فى 3 مايو 1991 عن 84 عاما و لكن الحقيقة تقول أن عبد الوهاب قد جاوز التسعين عند وفاته و أنه ألغى حوالى ثمانية أعوام من وثيقة سفره و حتى وفاته كان قد لحن أكثر من ألف أغنية و غنى منها عدة مئات و وقع فى حب الغناء و هو فى السابعة من عمره 0كانت أسرته تريد له أن يتعلم فى الأزهر و لكنه تمرد على هذه الرغبة و بدأيغنى فى المناسبات و الأعياد الدينية حيث أثرت نشأته على بدايته فقد كان أبوه و أخوه مسئولين عن جامع الحى فأجاد تجويد القراّن و الابتهالات ثم احترف الغناء فى فرقة عبد الرحمن رشدى و غنى فيها قصائد من الحان الشيخ سلامة حجازى بعد ذلك حدث له أكبر التحولات فى حياته فقد تعرف على الشاعر أحمد شوقى عام 1924 الذى فتن بصوته الباريتونى الجميل و قادته تلك المعرفة الى ساحة القصور و أصبح يعرف بمطرب الملوك و لم يغن عبد الوهاب بعد ذلك لأى ملحن اّخر حتى اّخر حياته و لم يقتصر أثر شوقى على ذلك بل سمحت له تلك العلاقة أن يدخل المحيط الثقافى المصرى و به فى ذلك الوقت قمم الشعر و الفن و الأدب تعرف على طه حسين ثم المازنى و العقاد بعد وفاة شوقى و تعرف أيضا على كبار شعراء العصر ممن غنى قصائدهم بعد ذلك كبشارة الخورى (الأخطل الصغير) و محمود حسن اسماعيل وعلى محمود طه و أحمد فتحى و صالح جودت و أحمد رامى تسلم عبد الوهاب التركة التى خلفها له سيد درويش بعد أن قاد ثورة تجديد هائلة للغناء العربى وفى افتتاح معهد الموسيقى العربية عام 1929 غنى أمام الملك فاروق أغنية(جفنه علّم الغزل) التى لحنها بايقاع أوركسترالى غير مألوف فى الغناء العربى و أدخل فيها التومبا -و كان عبد الوهاب هو الذى أدخل بعد ذلك اّلات جديدة لتعزف الالحان العربية مثل الشيللو و الأكورديون و خلق أيضا استخدامات جديدة للأورج و الجيتار 000كان لابد من هذا التقديم قبل أن نصل الى حليم الذى تعرف على عبد الوهاب مبكرا دون أن يراه الأخير أحيانا و دون أن يلتفت اليه فى أحيانا أخرى بل أنه أبى أن يستمع اليه مرة حين طلب منه حليم ذلك أول الأمر استمع حليم الى عبد الوهاب عن بعد و هو يغنى على أحد المسارح فى مدينة الزقازيق و لم يكن معه ما يسمح له بدخول الحفل فحاول أن يتسلق السور و لم ينجح و خلال النصف الأول من عام 1952 حاول حليم أن يحصل على اعتراف الاذاعة به كمطرب و لكن لجنة الاستماع رفضته مرتين و كانت اللجنة الثانية تضم عبد الوهاب الذى لم يلتفت اليه كثيرا و الغريب أن حافظ عبد الوهاب الذى كان مديرا للبرامج الاذاعية قد أدرك موهبته الغنائية منذ البداية و منحه اسمه كما هو معروف 00و حانت لحليم فرصة أخرى مع عبد الوهاب حين استطاع أن يقتحم عرينه فى اسكندرية مع مجدى العمروسى و طلب من عبد الوهاب أن يستمع لغنائه و لكن عبد الوهاب اعتذر بانشغاله 0بعد ذلك حدث لحليم احباط اّخر حين قدمه بعض الأصدقاء الى صديق أحمد متعهد الحفلات فى الاسكندرية فطلب منه أن يغن فى حفلات الشاطبى و لكن الجمهور أساء استقباله و طلب منه أن يغنى أغانى عبد الوهاب فرفض و انصرف غاضبا و استمر الموجى فى التلحين له فغنى -الجمال هو-ظالم-صافينى مرة-بتقوللى بكرة-ثم التقى بعبد الوهاب بعد أن بدأ تألقه و كان عبد الوهاب أحد أعضاء لجنة الاستماع الأخيرة التى أجازت صوته ثم كانت الصداقة مع عبد الوهاب فالشراكة الفنية التى دامت حتى اّخر العمر 00لم تؤثر الاحباطات التى لقيها حليم فى أولى خطواته على مسيرته الفنية التى أصر عليها حتى كللها بالنجاح كذلك لم يسبب الرفض المتكرر من عبد الوهاب لحليم فى بدايته أى نوع من الكراهية أو النفور و قد ظل حليم بعد أن توطدت العلاقة معه يكن له حبا و اخلاصا منقطع النظير و قد علم حليم كما علم الجميع بعد ذلك أن عبد الوهاب لم يجازف ابدا بأن يكون صاحب التجربة الأولى مع أى مطرب ناشىء و كان نمطا اتخذه عن ارادة و على سبيل المثال كنت أنا أول من قدم لعبد الوهاب الفنانة الكبيرة الاّن سميرة سعيد و هى لم تزل طفلة صغيرة 00و صحبتها اليه ليستمع اليها بعد رجاء منى و كنت أعجب بصوتها و تنبأت لها بمستقبل كبير بعد أن استمعت اليها تغنى فى القصر الملكى فى فاس استمع اليها عبد الوهاب و بعد انصرافها سألته فقال الصوت جميل و البنت دى لها شخصية و لم يزد على ذلك و نظر الىّ صامتا كأنه يقول ريح نفسك أنا لن ألحن لها الاّن و لم أكن أتوقع ذلك منه 00ان كلا من عبد الوهاب و حليم قد شق طريقه و هو ينحت فى الصخر و لم يبلغا القمة عن طريق مال أو جاه أو وساطه و لكن بالثقة بالنفس و الاصرار و قد ظل عبد الوهاب على مبدأه طوال حياته و كأنما كان يقول للناشىء أمض فى طريقك و أثبت نفسك بعد ذلك لك أن تطلب المساعدة و كان حليم يفهم ذلك و يتبنى نفس الشىء تقريبا و هكذا خلت علاقتهما من أى شائبه سببها ما حدث فى الماضى 00و لكن ذلك لم يكن كل الحكاية فمن ناحية أخرى كانت العلاقة معقدة بعض الشىء كان حليم يعشق موسيقى عبد الوهاب و كان عبد الوهاب ينظر الى حليم كأفضل مطرب فى الساحة طبعا و لكن كلا منهما كان شديد الثقة فى أدائه الغنائى بصرف النظر عن أى اعتبارات أخرى تمليها الصداقة أو الاعجاب المتبادل و مع أن ايهما لم يصرح بذلك ابدا لأن حليم كان يحترم تقاليد المهنة و التى من ضمنها تبجيل المعلم و أن عبد الوهاب كان يحرص طوال عمره على مكانته و أسلوبه العفيف و لكن بعض الخاصة كانوا يعرفون الحقيقة 00و قد غنى كل من عبد الوهاب و نجاة ثم حليم أغنية لا تكذبى من اشعار كامل الشناوى و قال لى حليم هل لاحظت اختلافى عنهم فى الأداء ؟على المطرب أن يفهم ما يغنيه أنها أغنية رجل يصرخ معاتبا حبيبته بعد أن اكتشف خيانتها و هكذا دخلت الأغنية صائحا لا مستعطفا فى ذل 00أذكر أننا كنا نزور عبد الوهاب بعد عودته من اسبانيا حيث أجرى هناك جراحة فى عينه لازالة العدسة حيث كان مصابا لمدة طويلة بعتامة فيها علمنا أن العملية قد تمت بنجاح و عاد لعبد الوهاب وضوح الرؤية و فى طريقنا الى منزله قال لى حليم سوف تلاحظ شيئا ظريفا فحين نقابل عبد الوهاب سوف تلاحظ أنه يشاهدنى بوضوح لأول مرة و سوف يحمله الفضول أن يتحقق من ملامحى و لكنه لن يفعل ذلك مباشرة حتى لا نكتشف التغيير الرائع فهو يفعل ذلك دائما خوفا من الحسد 00ذهبنا للمقابلة بعد أن تعانق الاثنان جلست أرقب الموقف لم يخيب عبد الوهاب ظن حليم بالغ الذكاء فأخذ يختلس النظر اليه على فترات متقطعة و حليم يتظاهر أنه لم يلاحظ ذلك و يستمر فى حديثه و هو يلتفت الى ناحية أخرى كأنما يداعب عبد الوهاب و فجأة نهض حليم و اقترب من عبد الوهاب حتى كاد يلصق وجهه فى عينه و قال يا حياتى احنا واخدين بالنا كويس و انت شايفنى كويس قوى -طب تخبى ليه 0لن نحسدك و لكن قل لى بصراحة ايه رأيك فى شكلى الاّن هل أنا حلو و انفجر عبد الوهاب ضاحكا و قال أنا عارف انك خبيث و لكن لم أكن أعرف أن خبثك للدرجة دى و لكن أنا عاوز أقول لك انك خيبت ظنى و كنت أحلى بكثير قبل ما اشوفك بوضوح 00لقد كان حليم و عبد الوهاب و أمثالهما منحة من الخالق لهذه الأرض الطيبة و قد قاموا بدورهم فى تسلم التراث و تطويرة و حمله الى اللاحقين 00و قد رأينا جيل التنوير يحمل الأمانة من سابقيه و يسلمها و رأينا عبد الوهاب يتسلم الأمانة من سيد درويش ثم يسلمها الى حليم و لكن المشوار توقف هل يدلنى أحد على فنان يستحق أن يتسلمها منه و يحملها الى الجيل القادم أم أن الأمانة أو الشعلة الخالدة توشك على الانطفاء)00000نهاية الحلقة السابعة

الى الأخ العزيز رضا و الأخ العزيز مصطفى والاخ ماشي الطريق و الأخت نهى و الأخت ثريا وكل أصدقائى فى الموقع اللى متابعين هذه الحلقات هل لاحظتم أشياء كبيرة و قيم عظيمة ودروس مستفادة و ملاحظات مهمة فى هذه الحلقة عند عبد الوهاب و عبد الحليم 000يا ترى ما هى؟000مع تحياتى000و أيضا معاهم مؤرخ العندليب وحليم 91