[b]
من كتاب صديقى الموعود بالعذاب
كان يسمع صيغة خواطره فى الالحان التى يغنيها عبر جهاز تسجيل وكان يجلس فوق مكتب صغير منمنم ويكتب خواطره الخاصة بعد ان ينام اهل البيت وينصرف الضيوف ويمضى خادمه الاسمر عبد الرحيم الى بيته يجلس ليكتب احاسيسه تجاه الناس والاشياء ربما ليتحرر من وطاتها وينام مستريحاوكان جهاز الراديو هو سلواه الوحيد فى ايام المرض الطويلة ويحب انيسمع نشرات الاخبار من خلال محطة لندن العربية والجدير بالذكر ان هذه المحطة اول من اذاع نبا رحيل العندليب يرحمه الله
وكان حين يصحو العندليب فى الرابعة عصر اليوم يقرا اجندة تليفوناته ويبددا بمكالمة مصطفى امين الذى كان يشعر نحوه بابوة روحية ودين عميق لايسدد وكان يجرى هذه الاتصالات التليفونية على مدى ساعتين قبل دخول الحمام ويتناول افطاره ويقرا صحف الصباح ويبدا بالبخت ثم الوفيات وصفحة السياسة الخارجية واخبار الفن والناس والعواميد الثابتة وكا يفكر فى هموم اسرته الصغيرة وكان يطلب لهم الستر دائما وكان يقول كل شى ممكن التغلب عليه الا المرض المستعصى وكانت عبارة حليم التى لاتفارقه عندما يتحدث عن شى ما فى المستقبل
ان عشت وكان لى --- وذات مرة قال له الصحفى الكبير مفيد فوزى ايه رايك لة تغير صيغة الجملة وتخليها ان شاء الله فضحك وقال حاضر حاقول ان شاء الله ان عشت وكان لى عمر
ان بيت حليم كان ينفق شهريا مايزيد على الالفين من الجنيهات وطعامه وحده يتكلف مالايزيد على ثلاثين جنيها والذى يرى حليم مع ضيوفه على المائدة كان يلمح العذاب فى عينيه رغم الضحكات التى من القلب فهو يغرى مثلا اصدقائه ان ياكلوا من اصناف معينة وهو لم يذقها بالطبع ويتحدث عن دقة صنعها وحلاوة طعمها فاذا قال له رفيق عمره محمد الموجى وعرفت ازاى حكاية حلاوة طعمها يضحك الفتى الاسمر ويقول كدة من شكلها ماهو البيت من بابه ياسى محمد والاايه
ولم يكن يقترب حليم من المشروبات الكحولية بل لم يذذق طعم النبيذ وكان يكتفى فى الحفلات والكوكتيلات بعصير البرتقال وكان مشروبه الوحيد المفضل هو الشاى انه يستطيع ان يشرب خمس اوست مرات شاى فى اليوم ويحب نوعا واحدا من الشاى هو ايرل جراى وفى ساعات الليل التى كان يقضيها وحده كان يحتفظ بجواره بترموس به شاى وبمسجل صغير يدندن عليه اغانيه الجديدة وبكراسة مدرسية يدون فيها يومياته