فيلم زقاق المدق والعندليب..
حكاية عن زقاق المدق
من منا لا يذكر فيلم زقاق المدق للكاتب الكبير نجيب محفوظ.. وبطولة الفنانة المعتزلة شادية والفنان الراحل صلاح قابيل وشاركهم البطولة حسن يوسف ومحمد رضا وتوفيق الدقن وحسين رياض وتحية كاريوكا.. وكان الفيلم انتاج رمسيس نجيب اخراج حسن الامام.. وهذا الفيلم انتج في الستينيات من القرن الماضي.. ابان العصر الذهبي للسينما العربية المصرية..
وتبدأ حكاياتنا عن هذا الفيلم عندما اسندت البطولة الى العندليب الاسمر عبدالحليم حافظ ليلعب دور عباس الحلو بطل القصة.. امام الفنانة شادية.. وذلك استثمارا لنجاحاتهما سويا في افلام سابقة مثل.. لحن الوفاء، دليلة... واستثمارا ايضا لنجاح عبدالحليم في فيلم الخطايا امام نادية لطفي واخراج حسن الامام..
وبدأ الجميع يفكرون في استكمال باقي فريق العمل.. وكان صلاح قابيل يقوم ببطولة مسرحية اللص والكلاب على مسرح الزمالك من اخراج الفنان الكبير محمود مرسي.. وشاهد المسرحية المنتج رمسيس نجيب فاعجب به ايما اعجاب.. وارسل له لكي يتعاقد معه على القيام بدور حسين كرشه في الفيلم زقاق المدق ووقع معه في اليوم نفسه.. وطار صلاح قابيل من الفرح.. فها هي السينما تفتح ذراعيها له لتحتضن موهبته المتدفقة وامام من.. عبدالحليم حافظ وشادية..
وطار الخبر الى عبدالحليم حافظ من خلال الجرائد والمجلات واكده له حسن الامام، ولكن عبدالحليم رفض ذلك تماما، وطلب من حسن الامام ان يقوم بالدور امان حسن يوسف استثمارا لنجاحهما سويا في فيلم الخطايا، وبالتالي ابلغ حسن الامام رأي عبدالحليم الى المنتج رمسيس نجيب، الذي حاول اقناع عبدالحليم بموهبة صلاح قابيل.. ولكن تمسك عبدالحليم رحمه الله برأيه وهدد بترك الدور والفيلم.. وتدخل ايضا حسن الامام لكي يصلح الموقف.. مؤكدا للفنان عبدالحليم بأنه سيعمل على الجمع بين عبدالحليم وحسن يوسف في فيلم اخر.. ولكن عبدالحليم بما عرف عنه من عناد تمسك برأيه..
ولما كان المنتج رمسيس نجيب من النوعية التي لا يخضع لرأي فنان مهما كانت شهرته وسطوته وموهبته.. فقد ارسل الى عبدالحليم برأيه النهائي وهو اشراك صلاح قابيل في الفيلم ليلعب دور حسين كرشه.. وفي المقابل كان صلاح قابيل يجوب اسواق القاهرة لكي يشتري ملابس الدور.. ويعقد جلسات مع الكاتب نجيب محفوظ ليقف على مناطق التأثير في الشخصية.. واستعد للدور تماما..
حتى جاءه من يطلبه لمقابلة حسن الامام.. وفي المقابلة حاول حسن الامام ان يقنع صلاح قابيل بالتخلي عن الدور والتنازل لحسن يوسف حتى يبدأ في تصوير الفيلم.. واصيب صلاح قابيل بالاحباط.. وعلم بكل ما حدث من عبدالحليم حافظ وتمسكه بزميله الفنان حسن يوسف.. وقال في نفسه الفن ارزاق.. وكل واحد بياخد رزقه.. وذهب الى رمسيس نجيب لكي يرد له مقدم العقد الذي وقعه فقد كان رحمه الله من هذه النوعية نادرة الوجود الان..
وقابله رمسيس نجيب بالترحاب الشديد.. وظن صلاح قابيل ان هذه المقابلة هي تعويض له عما اصابه من ظلم.. واخرج النقود وكانت مئتي جنيه لكي يفسخ عقده مع رمسيس نجيب.. وفعلا الغى عقد دور حسين كرشه واسند الى حسن يوسف.. وفي هذه اللحظة تأكد صلاح قابيل من كل ما قيل له.. وعندما هم بالانصراف.. ناداه رمسيس نجيب.. وقدم له عقدا اخر.. وعندما قرأه صلاح كاد ان يغمره عليه.. وضحك رمسيس نجيب من ذلك..
فقد كان العقد لدور عباس الحلو بطل القصة »زقاق المدق« بعد ان سحب الدور من عبدالحليم حافظ واسنده الى صلاح قابيل ايمانا منه بموهبته.. فقد كان وسيظل رمسيس نجيب من اهم المنتجين وأحرصهم على اكتشاف الوجوه الجديدة وتغذية بؤرة ضوء الفن بكل ما تحتاجه من الوجوه..
بقلم: محمد العربي