من كتاب صديقى الموعود بالعذاب
اين يشدو العندليب الاجابة الحاضرة فى تونس وفى تونس ينظرون للشاعر نظرة تتسم بالقداسة انه نبى الكلمة وكلما ابصروا فى الخضراء حبلى تمنوا ان تلد شاعرا او فنانا وهناك كان يشدو العندليب والتقى بنفس حساسة وروح صادقة ووجدان يتعشق الفن ويطرب له وهناك اعطى ثمانون الف تونسى اذانهم لحليم وقد غنى فى العاصمة تونس وفى صفاقس وطبرق وفى الدرب الغربى الاصيل المستقير غنى فى كل هذه المدن فاضاف اليها ذكرى حلوة مازالت تعيش الى الان فى وجدان التوانسة حتى قال الشاعر التونسى عبد المجيد بن جدو وه يرى التجاوب العميق بين اهل بلده والفنان المصرى يامغرمين بالسهر هنا يغنى العندليب ثم استطرد يقول افضل يامولعين بالسهر لان الولع درجة اسمى فى الاحساس فجاء المولعون بالسهر واستمعوا الى حليم فى حديقة زهور وفى ملعب كرة وفى ملعب خيل وفى قلعة حربية
وقالت عنه صحيفة العمل التونسية عندما يغنى حليم تنطلق الاهة الى عالم بعيد تعيش فيه بالخرافة مغامرات السابقين وقالت صحيفة لوكسيون الفرنسية ليس غريبا على شعب يغنى الموشحات ويتنفس بالملوف ان يقابل بالاحضان هذا الفنان الاسمر القادم من القاهرة
وقف حليم يغنى مشوار بعيد وانا فيه غريب والليل مقرب والنهار رواح سواح ووقف يغنى موال الصبر اهو داب من يوم الحب ماغاب ووقف يغنى قالوا الصبر بحوره بعيدة قالوا شفايفه بتقول تنهيدة ووقف حليم يغنى للتوانسة فكانوا يستقبلونه بالتصفيق ويصرون انه تونسى مثلهم فيخلع احدهم الجلباب التونسى ويصعد ليرتديه حليم ويطالبونه باعادة المقاطع
لماذا كان حليم مطالبا كل مرة يقف على المسرح بغناء جانا الهوى لانها تشبع تذوقه للحركة الايقاعية وكانت الرءوس تتمايل عند يارمينى بسحر عينيك وكانت الرءوس تهتز عند خلينا كدة ماشيين مارمانا الهوى ونعسنا وكانت الاكف تصفق على الواحدة وهو يشدو عدينا ياشوق على برالهوى رسينا ثم يبدا الصراخ والقاء القل عند طوحنا ياهوى وقال اكثر من تونسى ان جانا الهوى تاليفا فيها مسحة من موال العرضاوى التونسى ولحنا فيها مسحة من الملوف العذب اما اداء فهى اثراء للكلمة المذابة فى اللحن ولقد كانت اغنيات حليم احلى اطار لاحان بليغ حمدى امام التوانسة وفى احدى حفلات حليم اصر على ايقدم صديقه وزميله بليغ حمدى
من كان جمهور العندليب كان كل الاعمار فى قهوة سيدى بوسعيد ذهب حليم وغنى مع عواجيزها وفى عين دراهم ارتجل حليم سواح مع صبيان فى العاشرة من اعمارهم وفى فاقس انتظره على باب الفندق سيدات يلبسن الجلباب الابيض ويغطين رءوسهن
وليلة الاستعداد للسفر من تونس اقام الفنانون التونسيون حفلة وداع لحليم والفرقة الماسية كانت لحظة عميقة عزف الموسيقيون بحب وذهبوا الى سيدة كبيرة من سيدات تونس الفضليات مدعوين وهناك اعاد العندليب ليالى الطرب القديمة وجلس تحت خميلة وبدا يشدو ويغنى كامل الاوصاف فتنى واستمر يشدو حتى ساعات الصباح الاولى وظلوايسالون حليم متى تعود مرة اخرى متى تحتضنك الخضراء اياما اخرى وقال لهم حليم اننى اغنى تحت سماء بلادى فاذا سنحت الفرصة للسفر فساحمل اغنياتى واطوف مرافى بلاد لم تطاها قدمى مثل تونس الخضراء اغنى للناس فالفن يوحد المشاعر ويقرب البعيد
وصباح اليوم التالى مضى حليم الى الطائرة وقال للاذاعة التونسية لقد نجحنا شريفة فاضل وناهد صبرى واحمد غانم والفرقة الماسية وانا بفضل حبكم للفن
وطار العندليب وفى قلبه دمعة وكان يتمتم بالموال التونسى القديم ياتونس الخضراء يا جارحة الاكباد
غزلانك البيضاء تصعب على الصياد