[b]
من كتاب صديقى الموعود بالعذاب
كان كامل الشناوى يقول فى مجالسه الحميمة التى تبدا بعد منتصف الليل وتنتهى قرب الفجر لاتصدقوا حليم الا فى حالة واحدة فقط حين يغنى انه يكذب علينا كثيرا فى الحياة يبدو انه ضعيف وهو الذى نسج من ضعفه اعتى قوة انه يتواضع ولكنه تواضع المغرور ربما كان يكذب فى الحياة ليدخر الصدق الشديد للغناء
كان الغناء يمتص كل طاقات هذا الجسد النحيل كان يحب ويمارس الحب وهو يغنى وكان يبدو قويا جبارا ساعة الغناء ومايكاد ينتهى من وصلته حتى يرتمى على اقرب مقعد فى حالة اشبه بالغيبوبة
كان الاطباء المعالجون يرون ان الغناء يطيل عمر حليم كيف يادكتور روجر وليامز
سيدى لان الغناء ارادة وحالة نفسية ينتعش كثيرا فيها المغنى وهذه الارادة تخرس صوت النزيف المتربص به دائما وابدا يهاجمه وقت الضعف والهزال كان مستر حافظ راغبا فى الحياة بقوة ولهذا كان الصراع بينه وبين الموت ضاريا صحيح لقد انتصر عليه الموت فى نهاية الجولة ولكنه لم يهزم المغنى ولو لم يكن هذا الشاب مغنيا لارتضى بارتياح ان نقوم بعملية تغيير الكبد له بعد ان تليف تماما وهتكت البلهارسيا خلاياه كان حليم يخاف على صوته من نتيجة العملية الجراحية وكان يخشى انيفقد ذاكرته اذا حولنا مجرى الدم بعيدا عن الكبد
وقال روجر وليامز الطبيب الانجليزى الكبير الذى رافق رحلة الامه الطويلة
ان البلهارسيا اللعينة اعطتكم فنانا حساسا وسلبتنى للاسف صديقا انسانا اعتز به
كان حليم يخاف على حليم المغنى اكثر من خوفه على حليم الانسان وقد قال ذات مرة لمفيد فوزى فى لندن
صدقنى ان فقدت صوتى فقد فقدت حياتى واستطرد يقول بالم شديد من انا بدون صوتى واحد من الملايين تراه وتعبره ولكنك اذا سمعتنى اغنى فقد تتوقف قليلا قبل ان تعبرنى ماقيمة ان افقد ذاكرتى او صوتى واخرج من حجرة العمليات سليما معافا وقد اصبحت احمل كبدا سليما ماقيمتى يافرحتى ماقيمة رجل بلا رجولة ان صوتى هو رجولتى بالضبط اننى احمل فوق راسى هموما كثيرة يعطينى الغناء منهااجازة لقد عشت حالات غدر وعدم وفاء من اصدقاء كثيرين والغناء يخفف عنى عذاب الاكتشاف ان الغناء فى حياتى هو السلوى وهو العزاء احيانا