[b]
من كتاب صديقى الموعود بالعذاب
كان العندليب متهما بانه يحجب وجه الشمس عن البلابل والعصافير
كان الفنان الكبير متهما بانه يقف عقبة امام مستقبل الناشئين
كان عبد الحليم حافظ متهما بانه بنفوذه يطارد الاصوات الجميلة حتى يبقى هو وحده مغردا فوق الاصغان
والحق ان العندليب حجب عنا بادائه العذب اصوات الغربان ونعيق البوم
والحق ان الفنان الكبير بموهبته الكبيرة كان سدا عاليا امام الاحجار والحصى الصغير
والحق ان عبد الحليم حافظ بنفوذه الاخاذ كان يطارد النشاز لينتصر للجمال ويسكبه فى اسماعنا لننتشى
ولان صوت العندليب كان علامة الجودة ولعله الصوت الوحيد الذى نجح وخطف اذان الماس فى عصر عبد الوهاب فقد كان بديهيا ان يكثر تقليده وكان احساس الناس اسرع من المزيف فقد استطاع ان يميز العنليب عن الغربان
وانه بين يوم وليلة صحا الناس على صوت شاب اسمه كمال حسنى يعمل موظفا وجاء ممتطيا حصانا يدق الارض بحوافره ويقتحم حياتنا لنفسح له الطريق لانه سيغنى وغنى كمال حسنى غالى على ولم يكن للحق غاليا علينا فقد اكتشفنا انه جاء ليزحزح العندليب من عشه فتمسك الناس بالعندليب اكثر وعندما حاول هذا الفارس الغازى ان يبحث عنه فى كل مكان كنا قد اخفيناه فى قلوبنا وتحت جفوننا وعندما نام العندليب خارج عشه غطيناه بمشاعرنا الدافئة ولم تمضى الايام حتى كان الفارس يرتعش من البرد والوحدة فركب حصانه مطاطى الراس وعاد كمال حسنى من حيث جاء
وقصة كمال حسنى هذه رمز لمحاولات التقليد والسقوط الذى كان له دوى وكيف ان حليم لم يكن نبتا شيطانيا لقد كان بذرة صالحة فى ارض خصبة تناديه وبالرعاية كبر النبت الاخضر وعلى مر الايام والسنين صار شجرة مثمرة ثمارها ترجم الطوب وظلت باقية اغصانهاتتعرض للقطع وظلت باقية
وظهرت والعندليب يشدو اصوات جديدة لكن حجم الموهبة كان ضئيلا فكان حظ اللمعان صغيرا وهناك ظاهرة فى الفن غريبة عندما يفشل فنان فى الوصول لقلب الناس يبحث عن سبب فلايجد سوى الكبارعقبة
وقد تعرض حليم فى حياته الفنية اتهامات كثيرة بانه يتدخل وراءه اصحاب نفوذ كمطرب كبير فى الاذاعة يحرمون الاصوات الجديدة من فرص النجاح والتالق وكانت هذه الاتهامات يتفوه بها علنا بعض اصحاب الاصوات الساقطة فى امتحانات احساس الناس وكانت هذه الاتهامات على السنة بعض النقاد الذين اعترفوا بعد رحيل العندليب انهم وقعوا فى مصيدة شفقة فاذا بها مصيدة حقد
وذهب حليم فى رحلته الخريفية وقلنا ان الطريق الان مفتوح للمواهب ولن يسد احد وجه الشمس فى وجوه الاصوات الجديدة وظل حليم متربعا وسيظل متربعا على عرش الاداء الحنون ومازلنا نقيم على ضفاف حنجرته