صدق أو لا تصدق "جمال عبد الناصر" كان سببا في وفاه عبد الحليم حافظ

أتيح للدكتور هشام عيسي ما لم يتح لغيره في الاقتراب من عبدالحليم حافظ، فلم يكن من الأصدقاء الذين يجيئون ويرحلون مع الصباح أو المساء، ولكنه كان ملازماً لعبدالحليم كما كان عبدالحليم ملازماً للمرض، والفرق بينهما أن الأول هو البلسم الذي يداوي والثاني هو الألم الذي يعاني.!
لقد شاهد هشام عيسي عبدالحليم وهو يتذوق لذة نجاحه، وشاهده منتشياً بهذه اللذة، وبحب جمهوره له، شاهده في كل أنحاء الدنيا مستمتعاً بسهراته وأصدقائه، اقترب منه وحوله معجباته، وحوله خصومه أيضاً، ورافقه وهو يعاني أقسي لحظات الألم.
عالج عبدالحليم عديدون منهم الدكتور أنور المفتي والدكتور ياسين عبدالغفار والدكتور زكي سويدان، واستمر معه طوال المشوار الدكتور هشام عيسي.
يروي الدكتور هشام عيسي بذائقته الأدبية بداية الحكاية: "حل عيد الربيع يوم الحادي والثلاثين من مارس عام 1977، يومها هبت عاصفة خماسينية ملأت جو القاهرة بتراب يخنق الأنفاس مما أضفي علي ذلك اليوم طابعا كئيبا.
وحتي وقت متأخر من النهار كنت لا أزال نائما فاليوم عطلة وأنا مرهق أتطلع إلي راحة حرمت منها لوقت طويل، صحوت علي رنين التليفون كان أحد الأصدقاء وجاءني صوته مخنوقا: آسف إن كنت أيقظتك فالأمر مهم. وللحظة خطر ببالي أن أستعد لمعاينة حالة مرضية طارئة وبعد تردد استمر قائلا: حليم. تعيش أنت.
ساد صمت وكنت أحاول أن أستوعب ما يقال. كان حليم في رحلة علاج إلي لندن هي أول رحلة رحلة لا أرافقه خلالها منذ سنوات. كانت المفاجأة هائلة استمر صديقي في الحديث بكلمات عزاء تقال عادة في هذا المقام ما إن أنهيت المكالمة بلندن يبلغني بما حدث، وتتابعت مكالمات أخري كانت إحداها من جريدة الأخبار تطلب حوارا حول تاريخ المرض. ظهرت الجريدة في اليوم التالي وفي صدرها الحوار مع كلمة رثاء كتبتها بعنوان "دمعة علي صديق"، قلت: أحقا مات حليم؟ وفي هذا اليوم بالذات حيث كان عشاقه وعشاق الربيع ينتظرونه ليشدوا لهم بالحب والأمل فإذا به يصبح هو نفسه خبرا حزينا من الأخبار. أمن أجل هذا تحرك نسيم الربيع عاصفا وانحنت الزهور تطوي أوراقها في حزن عميق؟
مات الذي غني للربيع شوقاً وللوطن نصراً وللمستقبل أملا وآن له أن يستكين وآن لروحه أن تعود إلي بارئها وأن ترتفع إلي قمة لا تعلوها أي قمم بعيدا عن الحياة وصراع الألم.
أكان لابد له أن يموت اليوم؟!
أم هو الموت مازال ناقداً يختار الجياد؟
إذن كانت النهاية ورحل حليم يوم 30 مارس سنة 1977.
انتهي مشوار حياته التي كتب عنها في صدر مذكراته: الحياة رحلة رائعة رغم ما فيها من آلام. قطعت إذاعة لندن برامجها لتذيع النبأ وكذلك نقلت إذاعة القاهرة الخبر وتحولت إلي القرآن الكريم وصدرت الصحف في اليوم التالي وفي صدر صفحاتها النبأ الأليم وصور من حياته وتعليقات عليها وكلمات رثاء.
نفدت معظم الصحف وتعددت طبعاتها.
وانتحب الشباب في الشوارع وتعددت حالات الإغماء وكانت هناك محاولات انتحار انتهت إحداها بموت فتاة، وكما هي العادة راجت شائعات تقول إن حليم كان مريضا بسرطان المعدة. ولم يكن ذلك صحيحا.
والحق أن مقدمات ذلك اليوم الحزين بدأت قبل سبع سنوات ففي أواخر شهر سبتمبر سنة 1970. كان حليم يبدأ إجازته الصيفية كالمعتاد في الفيلا الخاصة به في العجمي، وكان من المقرر أن يستمر هناك حتي نهاية أكتوبر حيث كان العجمي يخلو تماما من رواده في ذلك الوقت. تركت حليم يوم 27 سبتمبر لأمور كنت أريد قضاءها في القاهرة علي أن أعود مساء اليوم التالي، بعد أن انتهيت من عملي، وقبل أن أبدأ العودة إلي العجمي قطعت إذاعة القاهرة وأعلنت حالة الطوارئ فلم أتمكن من المغادرة إلي الإسكندرية، كنت في ذلك الوقت لا أزال أعمل كطبيب في القوات المسلحة وقبل ذلك كنت عضوا في الفريق الطبي المسئول عن سلامة رئيس الجمهورية أثناء تحركاته فكان طبيعيا مع حالة الطوارئ أن ألزم القاهرة ولا أستطيع السفر.
استمع حليم إلي النبأ فأطاحت الصدمة بصوابه وانطلق يضرب المرآة بيديه ثم برأسه. لم يكن الأمر مقتصرا علي مجرد الحزن علي الزعيم الذي أسبغ عليه الصداقة والرعاية بل كان هناك الإحساس بالخوف المروع من خطر يحدق بالوطن الذي يحتل العدو جزءاً عزيزاً منه.
هنا أطل شبح النـزيف المخيف خرجت من فمه كمية من الدماء مصدرها دوالي المريء تلك القنبلة التي يحملها داخله وتهدده بالانفجار في أي وقت، لم يكن في الجوار أي وسيلة إسعاف فحمله مرافق كان معه إلي مستشفي المواساة بمدينة الإسكندرية، وحين وصل هناك كان النـزيف قد توقف ولكن الطبيب المناوب الذي استقبله تسرع بنقل زجاجة دم إليه لم يكن حليم في حاجة إليها فمثل ذلك النـزيف يمكن السيطرة عليه بوسائل أخري ولم يعلم الطبيب ولا أي واحد منا أن هذه الزجاجة ستقضي عليه.
بعد يومين تمكنت من السفر إلي الإسكندرية مع شقيقته المرحومة علية وتوجهنا علي الفور إلي مستشفي المواساة، كانت حالته مستقرة فاصطحبناه إلي القاهرة وبعد حوالي شهر ونصف الشهر فوجئت بظهور أعراض التهاب كبدي وبائي علي حليم. فقد كانت زجاجة الدم الذي نقل إليه تحتوي علي فيروس "ب" ليلتها المرحوم الأستاذ الدكتور ياسين عبدالغفار والتشاؤم يخيم علينا أدركنا تحولا خطيرا قد حدث في مجري المرض تحولا ينذر بأن الأمر سيكون أشد خطورة وأن العلاج سوف يكون أصعب.
فكما هو معروف كان حليم قد أصيب بالبلهارسيا المعوية منذ طفولته، والتي سببت له تليفا كبديا من نوع معين حيث إن تليف البلهارسيا يحدث خارج منظومة خلايا الكبد ورغم أنه يسبب ارتفاعا في ضغط الدورة الدموية الكبدية وتضخما بالطحال ودوالي بالمرئ معرضة للنـزيف فإن خلايا الكبد تبقي سليمة، وبالتالي تبقي وظائف الكبد بحالة جيدة، ظل الأمر مقتصرا حتي ذلك الوقت علي التصدي للنـزيف ومحاولة الوقاية منه وإيقافه عندما يحدث. أما وقد أضيف إلي ذلك التهاب فيروسي فإن التليف يصبح مزدوجا ويغزو الفيروس خلايا الكبد ويدمرها ويصبح المريض معرضا لكل أعراض النقص الوظيفي للكبد. والتي تنتهي بالفشل الكبدي القاتل وأيضا تزداد شدة النـزيف وتعاوده علي فترات أقصر. أصبحت الصورة قاتمة وأدركنا أن الخطر قد اقترب وأن العلاج سوف يقتصر علي الوقاية من النـزيف والاستعداد لنقل الدم طوال الوقت.
ومنذ ذلك اليوم أصبحت ألازم حليم ليل نهار وفي كل مكان حاملا معي ما يشبه عربة إسعاف محمولة بها كل الأدوية وزجاجات دم تم لها إجراء اختبارات التوافق مع دمه.
وقد أجريت له عمليات نقل دم في كل مكان في منـزله عقب الغناء أو في المصيف وفي مستشفيات بالمغرب ولندن وباريس ونيويورك وحين صارحنا "حليم" ببعض ما حدث من تغييرات واجه الأمر في شجاعة وقاتل المرض ببسالة متخطيا حاجز الخوف واليأس.
حتي كان النـزيف الأخير في مستشفي كينجز كولج بلندن فاختار المقاتل أن يستريح ".

توفيق قاسم العقابي كتب:

"الآن.... آن للعذاب أن يتوقف" جزء من الكلمه التي قالها الأبنودي بعد رحيل العندليب بساعات.... كلمه تختصر المشوار كله.....

تسلم أيدك أ.أعز الناس ع الموضوع....

بالفعل أخي توفيق لقد عاني حليم كثيرا من المرض فتره كبيره من حياته ولكن ربنا عوضه

بحب وعشق الملايين له فالأجيال التي عاصرته عشقت صوته وكذلك الاجيال التي لم تعاصره عشقت

أيضا صوته وكماقلت ان العندليب كان سابق عصره بالفعل فموهبته وصوته الفريد لم ولن

تتكرر فهو صوت قلما يجود الزمان بمثله .


وندعو الله ان تكون معاناه حليم الشديده من المرض في ميزان حسناته باذن الله .

شكرا علي المقال والموضوع عبد الحليم وجمال عبد الناصر وجهان لعملة واحدة فحيتتهما متاشبهة كما كانت اتجاهتهما فكما كان ةنهجهما واحد كانت بدايتهم معا ورحيلهم معا كما صعد عبد الحليم وجمال عبد الهاصر صعد نجمهما في هفس الوقت ايضا نهاية رحلاهما تقريبا معا لكنها باءذن الله لم تهتهي بل ستسمر تحبها الاجيال المحبة لاعمالهم الحسنة رحم الله عب الحليم وامي وجمال عبد الناصر وغفر لهما وجعل ما عانوه في ميزان حسناتهم وادخلهما فسيح جناته