في حوار مع نادية لطفي قالت عن مريم فخرالدين رحلت صديقة الطفولة والفن وتركتنى وحيدة
كانت بدايتنا فى جولة الغوص فى حياة مريم فخرالدين مع من كانت الأقرب لقلبها وحياتها، نظيرتها فى الجمال والرومانسية آنذاك، الفنانة الكبيرة "نادية لطفى"، وبالفعل بمجرد أن أخبرناها بأننا بصدد عدد خاص عن صديقة عمرها مريم فخر الدين، حتى فرحت وتهلل صوتها لمجرد سماع اسمها، والحديث عن مريم مع نادية لطفى كان أشبه بحوار فى فيلم أبيض وأسود، حوار يشبه ملامحهما البريئة.
تنهدت نادية قبل أن تبدأ في الكلام عنها، وتذكرت أيامهما معا في المدرسة الألمانية التي كانت أول مكان للتعارف بينهما، وبدأت تحكي وكأن البارحة هي اليوم:
"مريم كانت من أجمل 3 بنات في المدرسة، صحابنا كانوا بيحبوا يتكلموا معاها لجمالها وهدوئها، كانت مثقفة وواثقة من نفسها، بتعشق القراءة، مافيش كتاب كان يقع تحت ايدها غير لما تقرأه كله في أيام قليلة، يوم لما عرفنا إنها نزلت على غلاف مجلتي "image" و"الكواكب" كأجمل وجه، انقلبت الدنيا وقامت مظاهرة حب في المدرسة من أجلها، وصرخ الجميع: "مريم بقت cover يابناااات"، ولم يكن للمدرسة حديث غيرها، كأول بنت من جيلنا تتصدر صورتها أغلفة المجلات المشهورة، كنا أصدقاء، ولكن بعد تخرجنا في المدرسة انقطعت أخبارنا عن بعض بشكل مؤقت قبل أن تعود وبقوة بسبب فريد الأطرش" الذى جمعنا من جديد.
فلاحة رغم الملامح "الخواجاتي"!
وتكمل نادية لطفى حديثها عن صديقة مشوارها الفني قائلة: مريم من عائلة بسيطة جدا في الفيوم مكونة من أب مسلم وأم مسيحية، ووالدها كان موظفا في الري، حيث كان يتقاضى راتب 30 جنيها شهريا، ومع ذلك لم يحرمها من شيء، سواء مريم أو شقيقها الأصغر يوسف، فأحبته أكثر من والدتها، لأنه كان يغمرها بعطفه وحنانه، وكان لا يعرف القسوة في تعاملاته، أما عن والدتها فكانت على العكس وكثيرا ما كانت تعاقبها بالضرب إذا أخطأت، حيث تقول عنها مريم فخر الدين إن "الحنان عندها كان بحساب"
وتضيف نادية: على الرغم من أن مريم تمتعت بملامح غربية و"خواجاتي" إلا أنها دائما كانت تصف نفسها بـ"الفلاحة"، نسبة إلى مكان نشأتها، فملامحها الجميلة دائما كانت تؤهلها إلى الأدوار الرومانسية والرقيقة أو أدوار الفتاه المظلومة، والتي كانت بعيدة كل البعد عن أدوار الشر وذلك في بداية حياتها الفنية. كان والدها قد اقتنع بدخولها السينما من خلال صديقه المخرج أحمد بدرخان في فيلم "ليلة غرام"، بعد محاولات كثيرة لإقناعه وقد حاول قبله الكثيرون من المنتجين والسينمائيين الكبار آنذاك معه لإقناعه، مثل أنور وجدي وحسين صدقي وهما في قمة مجدهما، وطردهما أبوها معتبرا السينما بالنسبة لابنته مريم "مسخرة" فكان دائم الرفض إلى أن أقنعه صديقه "بدرخان" بالفيلم وبأهمية أن تقدم ابنته دور الفتاة اليتيمة فيه، وهو الدور الذي يحث على الفضيلة. ولولا تلك الصداقة العائلية في الأساس لما وافق على فتح الموضوع معه، حتى أن مريم نفسها ظلت تسأل نفسها لآخر أيامها كيف وافق والدها على عرض بدرخان؟!
الأميرة إنجى وحب الأمير مظهر
تضحك نادية ضحكتها الجميلة حينما تتذكر أيامها مع مريم زمان، وتكمل كلامها قائلة: "لقد اجتمعنا على حب اثنين، فريد ومظهر، أنا ومريم كنا نعشق شخصا اسمه أحمد مظهر، وكل واحدة منا كانت صديقة مقربة له على طريقتها الخاصة، لأنه كان جينتل وفارسا حقا، وكان من أقرب المقربين لمريم، ويتصل بها يوميا للاطمئنان عليها، ولا يناديها غير بالأميرة إنجى، ولا تجيبه إلا بالأمير علاء وأنا كنت أستشيره بمنتهى الحب عن رأيه فى أعمالى.
وتكمل نادية ذكرياتها فرحة بالحديث عن صديقة عمرها كما كانت تردد كثيرا أثناء حوارى السريع معها: "مريم كان لها رؤية فنية جميلة، كانت تهتم بأدق التفاصيل حتى فى ملابسها، وكانت تحدثنى فى التليفون قبل كل مشروع فنى تبدأ فيه، وتقول مثلا: "أنا انهارده جبت بورنيطة حلوة عايزة اورهالك، وفساتين كتير لازم تقوليلى رأيك فيهم"، وفى فيلم رد قلبى كانت تحكى لى أنها اشترت ملابس بأكتر من 1000 جنيه وكان هذا المبلغ هو إجمالى أجرها فى الفيلم
عن قسوة بعض التصريحات التى أطلقتها مريم فى السنوات الأخيرة عن زملائها من جيلها، دافعت صديقتها نادية عنها تقول: "مريم كانت تلقائية جدا، ولأن جزءا منها أجنبى وغير مصرى من جانب الأم، فقد تعودت على الصراحة كالأجانب، ولا يهمنى ما كانت تقول فى سنواتها الأخيرة، المهم أنها كانت بالنسبة لى صديقة ومخلصة وطيبة و"جدعة"، وقد أخطأ فى حقها من قال عنها إنها بلا أصدقاء، مريم كانت صديقة الكل، اجتماعية وتحب كل الناس، وكثير من الفنانات الكبيرات مثل شادية وهند رستم ونبيلة عبيد وغيرهن يشهدن على جدعنتها وطيبتها".
وتضيف نادية لطفى: فى السنوات الأخيرة، لم يكن يشغل بال مريم من يسأل عنها ومن لا يفعل، فكل حياتها كانت مرتبطة بأحفادها من ابنها الثانى أحمد، وتجد روحها فيهم، وأخبرتنى ذات مرة أنها ستعد لهم طعام الغداء المكون من الملوخية بالأرانب والكنافة بالقشطة التى يحبونها احتفالا بنزولهم إلى مصر فى الإجازات. كانت لا تفوت دقيقة أو فرصة دون أن تقضيها معهم.
وفى نهاية الحوار، أكدت نادية قائلة: "مفيش وداع لمريم". هى معنا دائما بروحها الحلوة وقلبها الملائكى وستبقى فى الذاكرة. وفى نهاية حوارى معها سألتنى نادية لطفى عن اسمى فقلت لها سارة فردت: الله. سارة تكتب عن مريم.