كتب الدكتور مصطفى محمود العالم الاسلامى الكبير الراحل وأحد عباقرة مصر والعالم العربى والاسلامى مقالة بعنوان-الصلاة-(الله اكبر تعنى أكبر من كل شىء ويقف المصلى فى خشوع واستسلام كامل وكأنما يخرج من الدنيا بأسرها 000الصلاة هى المعراج الأصغر وهى نصيب المسلم من المعراج الأكبر000الذى عرج فيه محمد عليه الصلاة والسلام الى ربه000خطأالأوروبى ظنه أن الصلاة الاسلامية حركات رياضية مع أنها وقوف اكبار لله ثم ركوع ثم فناء بالسجدة وملامسة الأرض خشوعا وخضوعا000آخر صيحة فى أمريكا الآن الاستغراق التأملى المتجرد000وهى موضه وافدة من الهند وبدعه من بدع اليوجا00وقد لاقت نجاحا كاسحا فى أمريكا شأنها شأن كل البدع الجديدة ووضعت فيها الكتب والمؤلفات وأقيمت المؤتمرات وأصبح لها اتباع بالملايين 00وأصبح لها رسل ودعاة ومبشرون ينطلقون الى القارات الاربع 00وقد التقيت بأحد هؤلاء المبشرين فى نادى الجزيرة يحاول أن يدعو للمذهب والمذهب فى اختصار شديد يدعو كل منا الى أن يخصص بضع دقائق من يومه يطرح فيها عن نفسه كل الشواغل ويلقى عن باله كل الهموم ويستلقى فى استرخاء كامل على كرسى وقد اغمض عينيه وتجرد من كل شىء حتى عن نفسه يلقيها هى الأخرى وراء ظهره ويخرج من جلده الى حالة من المحو واللاشىء 00الى راحة العدم00ويختار المبشر لكل واحد من اتباعه تسبيحة يرددها 00هى فى العادة كلمات سنسكرتيبية لاتعنى بالنسبة للمريد أى شىء 00وسوف تساعد التسبيحة المريد أن يخرج من حضرة الهم والغم والتوتر الى حضرة أخرى تكون فيها راحته أنها دعوة الى نوع من السكتة العقلية ورأيت مع المبشر كتب وبحوثا علمية واحصائيات تؤكد شفاء الكثيرين من ضغط الدم والذبحة والصداع المزمن بعد مباشرة هذه الجلسات لمدة شهور00وفى جلسة طويلة مع المبشر قال لى أنه القى عدة محاضرات فى النادى مع تمارين توضيحية تشرح مذهبه00لكنه اشتكى من عدم التجاوب بين المستمعين وأنه لم يلاقى الصدى والنجاح الذى توقعه وقلت له ان هذا امر طبيعى ومتوقع00فما تقوله وماتبشر به ليس امرا جديدا على اسماعنا00بل اننا نباشر هذه التمارين يوميا بالفعل كمسلمين خمس مرات فى اليوم00فى جزء من صلاتنا الاسلامية التى أمرنا بها نبينا عليه الصلاة والسلام00فالصلاة عندنا تبدأ بهذا الشرط النفسى00أن يتجرد المصلى تماما عن شواغله وهمومه وأن يطرح وراءه كل شىء وأن يخرج من نفسه ومافيها من اطماع وشهوات وخواطر وهواجس حياتنا00الله اكبر أى أكبر من كل هذا ويضع قدمه على السجادة فى خشوع واستسلام كامل وكأنما يخرج من الدنيا بأسرها 00ويمكن صلاتنا تمتاز على التمرين الذى تبشر به00بأنها ليست خروجا من دنيا التوتر الى عالم المحو الكامل وراحة العدم00بل هى خروج الى الحضرة الالهية00الى حضرة الغنى المطلق00ونحن لانستعين بتسابيح وطلاسم لامعنى لها وانما نسبح بأسماء الرحمن الرحيم مالك يوم الدين00وقلت ان صلاتنا تعطى المؤمن كل الراحة التى تدعو اليها وزيادة00فهى ليست مجرد سكتة عقلية بل صحوة قلبية وانفتاح وجدانى تتلقى فيها النفس شحنة جديدة من النور ومدد من التأييد الالهى00أنها لحظة خصبة شديدة الغنى تعيد صلة المؤمن بالنبع الخفى الذى يستمد منه وجوده00ان الانفصال عن دنيا التوتر والشر يواكبه الاتصال بعالم الكمال ومن هنا كان أثر الصلاة على المصلى مضاعفا وصلاتنا اذا صلاها المسلم بحضور كامل واستغراق واندماج فانها تكون شفاء من كل الامراض التى ذكرتها وأكثر00واذا أجريت البحوث والفحوص على مايحدث أثناء الصلاة لضغط الدم والنبض وتسجيل المخ الكهربائى لكشفت عن نتائج أكثر ابهارا مما ذكرت فى تمارينك 00ولكن للأسف لاأحد فى أمريكا ولا فى أوروبا يرى اسلامنا على حقيقته ولاأحد يحاول أن يبحث فيه00ولهذا سوف تظل صلاتنا كنزا مخفيا لايعلم مافيه الا من باشره بحضور كامل00يقول لنا الله أقيموا الصلاة ولا يقول صلوا 00لأن الصلاة الحقيقية اقامه تشترك فيها جميع الأعضاء مع القلب والعقل والروح 00وخطأ الأوروبى أنه يظن أن الصلاة الاسلامية هى مجرد حركات وينسى أن الحركات فى الصلاة مجرد رمز فهى وقوف اكبار لله مع كلمة الله اكبر ثم ركوع ثم فناء بالسجدة وملامسة الأرض خشوعا وخضوعا وبذلك تتم حالة الخلع والتجرد والسكتة الكاملة النفسية00ولايبقى الا استشعار العظمة لله تسبيحا 00سبحان ربى الاعلى وبحمده00سبحان ربى الاعلى وبحمده(وسبحان)معناها ليس كمثله شىء وهو اعتراف بالعجز الكامل عن التصور 00ومعناها عجز اللغة وعجز اللسان وعجز العقل عن وصف المحبوب 00وتلك ذروة نفسية فى النجوى00وتلك هى وقفة الأدب حينما بلغ جبريل سدرة المنتهى فلم يستطع أن يتخطاها00وقال لو تقدمت لاحترقت 00وليس بعد هذه الوقفة الا التجليات والتنزلات الكاملين الذين يؤهلهم التجرد الكامل 00فالصلاة هى المعراج الأصغر وهى نصيب المسلم من المعراج الأكبر الذى عرج فيه محمد عليه الصلاة والسلام الى ربه 00وهى ليست مجرد حركات 00بل هى أسرار00واشرفها وارفعها صلاة الفجر التى تشهدها الملائكة وصلاة قيام الليل 00التى نال صاحبها بها المقام المحمود 00والصلاة هى الرصيد المتاح من الرحمة لكل مسلم فى البنك الالهى 00ومازالت الصلاة كنزا مخفيا لانعلم عن أسرارها الا اقل القليل)